ثقافة

الطاقة الشمسية تجتاح لبنان، فهل هي بديل آمن؟

فترة “ازدهار” تعيشها الطاقة الشمسية مع نفاذ الوقود الأحفوري في لبنان

نظام طاقة شمسية من أسطح أحد المباني في شمال لبنان
مصدر الصورة: Tech Hype

اجتاح لبنان انقطاع التيار الكهربائي في السنة الماضية حيث اضطرت أمة بأكملها للتكيف مع الحياة بدون كهرباء. بسبب فشل الحكومة في تأمين الوقود الثقيل لمحطات توليد الكهرباء ازدادت فترات التقنين لدرجة لا تحتمل.

تضاءلت الكهرباء التي توفرها شركة كهرباء لبنان المملوكة للدولة إلى ساعتين في اليوم، وتم إيقافها تمامًا في بعض مناطق البلاد.

حتى مولدات الديزل التي تملكها مافيات مختلفة في لبنان لم تعد قادرة على سد الفجوة التي اعتادت على سدها. خاصة مع إمكانية تهريب المازوت إلى سوريا والحصول على الربح أضعاف مضاعفة، وهي وجدت نفسها مسؤولة عن 22 ساعة متبقية دون كهرباء.

أدى ذلك إلى ارتفاع الطلب ونقص الواردات الذي أدى بدوره إلى ندرة شديدة في الوقود. هذا ما غذى السوق السوداء ببيع الوقود المخزن بمعدلات لا يستطيع غالبية سكان لبنان تحملها.

الحكومة تتخذ خطوات تضاعف من خطر الأزمة

خفضت الحكومة دعمها لوقود الديزل وتحركت للسماح بالاستيراد المباشر، على أمل التخفيف من هذه الندرة. لكن النتيجة الوحيدة كانت زيادات تقترب من عشرة أضعاف في الأسعار.

تختلف أسعار إشتراك المولدات من منطقة لأخرى بسبب غياب الدور الحكومى بإدارة الأسعار. هذا الإحتكار أدى بالأسعار إلى الإرتفاع لدرجة غير مسبوقة قد تصل إلى 375$ في الشهر. الحصول على ما يكفي من الكهرباء للحفاظ على برودة منزل الأسرة خلال ليالي الصيف الحارة أو على الطعام المخزن في البراد هي نعمة أصبحت بيد أثرياء لبنان فقط. في بعض الأحيان، لا يوجد أي وقود على الإطلاق، ويضطرون إلى الجلوس وهم يتعرقون في الظلام، ويتساءلون عما إذا كان الطعام في ثلاجاتهم قد ظل باردًا بدرجة كافية ليكون آمن للأكل.

“تسونامي” الطاقة الشمسية في لبنان

المصدر: Kindel Media/Pexels

نتيجة لذلك، الطاقة الشمسية تجتاح لبنان حيث سارع العديد من اللبنانيين إلى الإعتماد على الطاقة البديلة. وتحول الآلاف من الأثرياء الآن إلى الطاقة الشمسية من أجل الاستقلال عن شبكة كهرباء غير موثوقة. في بلد يشهد حوالي 300 يوم مشمس سنويًا. يستحوذ السكان الميسورون على المعدات باهظة الثمن اللازمة لتأمين كهرباء مستقرة خارج الشبكة، ومنحهم وعائلاتهم الأمن وراحة البال.

قالت كارلا نساب، في مقابلة مع موقع الجزيرة، مسؤولة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. والتي تعمل على العديد من مبادرات الطاقة البديلة في جميع أنحاء لبنان: “من منظور سكني ، هذا بالتأكيد طفرة”. قالت: “لكن الازدهار، ليس فقط سكنيًا ، إنه في كل مكان”. “الصناعات كلها تبحث في الطاقة الشمسية أو أي شيء آخر يوفر لها الكهرباء بالفعل، لأنها أصبحت نادرة جدًا وأصبحت باهظة الثمن.”

ماذا يحصل فعليا على الأرض في  لبنان

رغم تكلفتها الباهظة التي قد تصل إلى 11000$ أحيانا، الطلب على الطاقة الشمسية مرتفع جداً حتى الموفرين للخدمة غير قادرين على التلبية، حيث قال بسام المدير العام لشركة سمارت باور في مقابلة مع الجزيرة “أود أن أقول إنها ارتفعت تاريخيا. ربما لا يزال هذا بخس.” “لقد ضاعفنا فريقنا ثلاث مرات في أسبوعين فقط”. “الأمر الآن ليس مجرد مسألة تكلفة. إنها مسألة، “هل لديك كهرباء أم لا؟”.

وفي مقابلة مع ناصر كريم مدير شركة كريم كو أفاد إلى أن الطلب بدأ بالتراجع في حين أن العرض وصل إلى درجة قياسية محذرا من كارثة تلوح بالأفق. “أي شخص يمكن يدعي معرفته بكيفية تركيب نظام طاقة شمسية”. وأضاف “الانفرتر بحاجة الى برمجة مختص و كابلات الكهرباء بحاجة الى حسابات صحيحة حتى لا تندلع النيران في النظام.” كما أنه قال”وفي أغلب الأحيان يقوم المبتدأ بالتركيب والإختفاء لأجل تحقيق ربح 100$”. وعندما سألناه كم وفرت الأسرة بسبب تعاملها مع المبتدء أكد كريم: “يدفعون نفس السعر بل اعلى احيانا بسبب جهل المتعهد بالحسابات الصحيحة للنظام. والوعود الكاذبة مثل كهرباء 24 ساعة في اليوم وبعد رحيله تتحقق المأساة”.

لبنان في عجز خطير ولكل أزمة أسرارها

وقد أضاف الشيخ بلال دقماق وهو ناشط سياسي وإجتماعي لبناني معروف في حديث خاص مع موقعنا: “إحدى أسرار الأزمة هي إنعدام قدرة الحكومة على صيانة شبكات الإمداد الكهربائية. قطع الغيار أصبحت باهظة بسبب إنهيار الليرة وكذلك الكابلات”. وأضاف “لبنان يعتمد على النفط العراقي بعد إتفاقية النفط مقابل الخبرات اللبنانية.”، وأفاد أن هناك أطراف لبنانية ضغطت على العراق لقبول هذه الإتفاقية.

“الكميات التي يرسلها لنا العراق هي التي توفر ساعتي الكهرباء للبنان”. وأضاف “معملي دير عمار والزهراني في أغلب الأحيان خارج الخدمة بسبب الأعطال”.

 ولعل أكثر الأمور غرابة أن الناقلات التي تزود المعامل يجب عليها أن تنتظر أسبوع كاملاً حتى يرسل الوقود إلى الإمارات للتأكد من صلاحيته.

ويعتقد الشيخ دقماق أن “الأزمة طويلة وستكون مؤلمة”. ويضيف أن الطاقة الشمسية تسبب أزمة مخفية بين سكان البناء الوحيد حيث أضاف “أسطح المبنى لا تكفي جميع السكان. هذا ما يؤدي إلى الإختلاف وحصول حالات إقتتال وعنف وإطلاق نار في أغلب الأحيان”. ولكن مع ذلك لا حل أمام العديد من السكان إلا اللجوء لها حيث أن إشتراك المولد يبلغ أضعاف الحد الأدنى للأجور في لبنان. حيث قد يصل إلى عشرين ضعفاً.

هل الألواح الشمسية حل مستدام وهل هناك ما يكفي من قطع الغيار

المصدر: Ksenia Chernaya/Pexels

وعندما سألنا عن توجه الناس ودفعهم بالدولار لتركيب الأنظمة أفاد كريم: “الإشتراك باهظ الثمن والشركات تتحكم بساعات التقنين كما تشاء”. وعند سؤالنا عن التكلفة التي تبدو مرتفعة أجاب “كلفة النظام الشمسي تعادل سنتين أو ثلاث من رسوم الإشتراك. في حين أن النظام قد يستمر بالعمل ل15 سنة مع صيانة القطع الجانبية كالبطاريات، الجل، الكابلات، الإنفرتر.”

الطاقة الشمسية تجتاح لبنان حقيقة لا مفر منها، مع تنببه كريم على ضرورة الإعتماد على المهندسين. الأنظمة بحاجة لمعرفة حتى لا تتحول لقنابل موقوتة أضاف كريم. فهل يا ترى لبنان في أمان بعد أن أصبحت القنابل الموقوتة في كل منزل والبطاريات والكابلات قد تشتعل أو تنفجر في أي لحظة؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى