في سياق البحث المستمر عن حياة ذكية خارج كوكبنا، عاد الباحثون إلى دراسة الديناصورات هنا على الأرض. ففي العام الماضي، فاجأتنا دراسة أفادت بأن (Tyrannosaurus Rex) تيرانوصور ريكس كان يتمتع بقدرات إدراكية تقارب القردة. إلا أن فريقًا بحثيًا جديدًا أعاد تقييم صحة هذه النتائج هذا العام وأصدر نتائجه مؤخرًا.
قد يغرينا المنطق بالاستنتاج أن حيوانًا عاش قبل ملايين السنين كان أقل ذكاء من الكائنات الحالية بطبيعة الحال. بل إن مظهره الضخم يوحي بأنه كان بدائيًا ينتمي إلى عصر ما قبل التاريخ. لكن يبدو هذا التفكير اليوم خاطئ إلى حد ما.
ولحسن الحظ، تغير هذا النهج المنطقي. فكما يقول المثل “لا تحكم على الكتاب من غلافه”. وهذا بدوره يسلط الضوء على حاجتنا، نحن البشر، إلى إعادة تعريف مفهوم الذكاء وطريقة قياسه بشكل أشمل.
مقال ذو صلة: ليست النيازك وحدها سبب انقراض الديناصورات
هل كان تيرانوصور ركس يمتلك نفس قدرات القرد الذهنية؟
في العام الماضي، خَلُصت دراسة إلى أن تيرانوصور ريكس كان يمتلك قدرات إدراكية مشابهة للقرود بسبب العدد الكبير من الخلايا العصبية الموجودة في دماغه. كما قال الباحثون أنه باستطاعتهم تحديد قدرة تيرانوصور ريكس على استخدام الأدوات ونقل المعرفة بناءً على تلك المعلومات.
بينما اعتبر فريق دولي بإشراف الدكتور كاي كاسبار هذه الافتراضات ملفتة للانتباه حقًا، ولهذا قرروا التحقق منها.
استخدم علماء الأحفوريات والحيوانات طرقًا مختلفة لتقدير حجم أدمغة الكائنات القديمة وعدد خلاياها العصبية، وقاموا بتقييم هذه الأساليب. عادةً ما يعتمد العلماء على دراسة المعادن التي تملأ حجرات الدماغ أو القوالب الداخلية بالإضافة إلى شكل تجاويف الجمجمة لفهم سلوك هذه الكائنات.
مقال ذو صلة: لماذا لا يمتلك البشر ذيولا في الوقت الحالي؟
حجم الدماغ ليس مرتبطا بنسبة الذكاء بالضرورة
في حين خلص العلماء إلى أن هذه الأساليب مليئة بالثغرات، وبتنا نعرف جيدًا الآن أن حجم الدماغ ليس بالضرورة مقياسًا للذكاء. خذ حيتان العنبر مثلًا، التي تمتلك أكبر أدمغة على الإطلاق، ولكنها بالتأكيد لا تخوض نقاشات فلسفية حول نظريات أرسطو.
يطرح هذا الأمر تساؤلاً حول تعريفنا للذكاء ذاته، هل هو تعريف ذكي و دقيق حقًا؟ فانطلاقا من تطور فهمنا للوظائف المتعددة للدماغ، أدرك الباحثون أنهم بحاجة إلى مقاييس جديدة لقياس مستويات الذكاء لدى الكائنات.
بعبارة أخرى خلُص العلماء إلى أن “تقديرات عدد الخلايا العصبية ليست مؤشرًا دقيقًا على الذكاء، وكذلك الأمر بالنسبة لحجم الدماغ”. تقول الدكتورة أورنيلا برتراند، وهي باحثة رئيسية، إن استخدام هذه المعلومات “لتوقع ذكاء الكائنات المنقرضة منذ زمن بعيد يمكن أن يؤدي إلى تفسيرات خاطئة تمامًا.
من المحتمل أن تيراناصور ريكس T. rex كان يتمتع بذكاء مماثل لذكاء التمساح
بناء على ذلك وبدلاً من ذلك، لدراسة علم أحياء الأنواع المنقرضة منذ زمن بعيد، يحتاج الباحثون إلى توسيع نطاق بحثهم ليشمل أيضًا “تشريح الهيكل العظمي، وعلم أنسجة العظام، وسلوك الأقارب الأحياء، وكذلك الأحافير الأثرية.” فكما اتضح أن الذكاء لا يعتمد فقط على حجم الدماغ أو عدد الخلايا العصبية التي يحتوي عليها.
في الختام، سعى فريق الباحثين هذا ببساطة إلى تقييم ما إذا كان الـ تيرانوصور ركس ذكيًا بقدر الشمبانزي أم لا، وهو أمر وجدوه -بحسب اعترافهم- “مُلفتًا للانتباه ومخيفًا في ذات الوقت”. اتضح أن الـ تيرانوصور ركس (Tyrannosaurus Rex) قد يكون بالفعل أكثر ذكاءً مما كنا نظن، لكن ذكاءه كان مشابهًا لذكاء “تماسيح عملاقة”. وهذا الاكتشاف يبدو مبهرا بنفس القدر.
يمكننا أن نستخلص أن الديناصورات ليسوا أذكياء مثل القردة، لكنهم أذكى مما كنا نعتقد. وربما سيستخدم الباحثون في المستقبل معايير أكثر شمولًا لقياس ذكاء الحيوانات.
