علوم

إمكانية قياس الجاذبية الكمومية قد يكون طريقنا لفهم نظرية كل شيء الكونية

لطالما حيرت الجاذبية الكمومية العلماء. ولكن الآن، قد يُغيّر اكتشافٌ مذهلٌ عالم الفيزياء للأبد - ويُجيب عن أكبر أسئلتنا حول الكون.

ما الذي تخفيه أعماق الثقوب السوداء؟ وكيف نشأ الانفجار العظيم؟ وكيف تضافرت القوى لتشكل الكون؟ أسئلةٌ قد تبدو عادية، لكنها في الحقيقة أكبر تساؤلات البشرية حول الكون. والآن، قد يفتح اكتشافٌ جديدٌ أبوابًا جديدةً لفهم هذه القوى.

ربما لأن العلماء تمكنوا أخيرًا من معرفة كيفية قياس الجاذبية الكمومية. باستخدام تقنية جديدة، قام فريق من المملكة المتحدة وهولندا وإيطاليا باكتشاف قوة جذب جاذبية ضعيفة على جسيم صغير جدًا. في الواقع، أنه أصغر كتلة تم تسجيل إشارات الجاذبية عليها على الإطلاق.

اعتمدت التقنية على تعليق جسيم يزن فقط 0.43 مللي جرام في درجات حرارة شديدة البرودة (حوالي -273 درجة مئوية). ثم بعد ذلك باستخدام مغناطيسات معلقة وأجهزة التوصيل الفائق (المعروفة باسم “المصائد”) قاموا بعزل اهتزاز الجسيم.

باعتماد هذه التقنية، تمكنوا من قياس قوة جذب ضعيفة للغاية تبلغ 30 اتونيوتن (aN). بينما يمثل الأتونيوتن واحدًا من كوينتليون (1/1،000،000،000،000،000،000) من نيوتن (N). على سبيل التوضيح، تبلغ قوة الجاذبية لتفاحة على منضدة حوالي 1 نيوتن. مما يعني أن القوة التي قاسها العلماء أصغر حتى من قوة جرثومة واحدة على سطح طاولة.

مقال ذو صلة: هل سيصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على التفكير مثل أينشتاين؟

رسم توضيحي يُظهر تجربة كمومية لدراسة الجاذبية على نطاقٍ ذرّي Source: University of Southampton

لغاية اليوم، ظلّ العلماء حائرين أمام فهم كيفية عمل الجاذبية على المستوى المجهري. فالجسيمات والقوى على هذا النطاق تتفاعل بطريقة مختلفة تمامًا عن الأجسام العادية التي نراها ونعرفها. فحتى أينشتاين، العبقري صاحب النظرية النسبية العامة، اعترف بحيرته أمام هذه المعضلة. فقد ذكر في نظريته أنه لا توجد تجربة واقعية يمكن من خلالها الكشف عن سلوك الجاذبية في عالم الكم.

في الواقع، يقول تيم فوكس، الباحث الرئيسي في الدراسة والأستاذ المساعد في جامعة ساوثامبتون، إن العلماء “حاولوا وفشلوا لمدة قرن من الزمن في فهم كيفية عمل الجاذبية وميكانيكا الكم معًا”.

أهمية إمكانية قياس الجاذبية الكمومية

مع نشر هذا الاكتشاف الجديد في مجلة Science Advances، اقترب العلماء أكثر من أي وقت مضى من فهم كيفية عمل القوى على هذا المستوى المجهري، وربما فتح هذا الباب أمام تحقيق حلم “نظرية كل شيء” التي توحد كافة قوى الكون.

من المرجح أن هذه الطريقة التي ابتكرها الفريق ستكون بمثابة مفتاحٍ لمزيد من الاكتشافات في مجال قياس الجاذبية الكمومية. ففي المستقبل، يمكن للباحثين مواصلة تطوير هذه الطريقة لتكون قادرة على قياس جسيمات أصغر بكثير. وبالتالي سيقربنا أكثر من فهم القوى الغامضة التي تحكم الكون.

“يقول البروفيسور هندريك أولبريك، أحد معدّي الدراسة، “نحن نوسع حدود العلم بطريقة يمكن أن تقودنا إلى اكتشافات جديدة حول الجاذبية وعالم الكم.”

ويضيف: “حل هذه الألغاز سيساعدنا على كشف المزيد من أسرار نسيج الكون ذاته، من أصغر الجسيمات إلى أضخم التكوينات الكونية.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى