بعدما قطعت مئات الآلاف من الأميال في الفضاء وحاولت التغلب على مشكلة الوقود المتسرب الذي أحبط خطتها، كان مصير مركبة الهبوط على القمر Peregrine “بيرغرين” الاحتراق .
تم تصميم المركبة الفضائية لإنهاء رحلتها المختصرة التي استمرت 10 أيام حوالي الساعة 4 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة. حيث تحطمت في الغلاف الجوي السميك للأرض فوق منطقة نائية من جنوب المحيط الهادئ ، شرق أستراليا.
ومع ذلك، أضافت الشركة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “ننتظر تأكيدًا مستقلًا من جهات حكومية.
مقال ذو صلة: مستشعر Vfox المخصص لمشروع ناسا دافينشي
عقبات ما بعد الإطلاق
انطلقت مركبة الهبوط بيرغرين في 8 يناير على متن صاروخ فولكان سنتور، وهي مركبة فضائية جديدة طوّرها تحالف الإطلاق الموحد، وهو مشروع مشترك بين شركة Lockheed Martin و Boeing.
في البداية، سارت عملية إطلاق Peregrine على متن الصاروخ الجديد بسلاسة تامة، حيث تم وضع المركبة الفضائية بنجاح في مدار الأرض على مسارها الصحيح نحو القمر.
بعد ساعات قليلة من الإطلاق وبينما كانت مركبة بيرغرين متجهة في رحلتها نحو القمر، أعلنت شركة Astrobotic أن المركبة الفضائية عانت من مشكلة خطيرة في أنظمة الدفع وتسريب للوقود على متنها. مما تركها بدون مخزون كافٍ لإجراء هبوط سلس على سطح القمر.
وعلى الرغم من حدوث مشاكل في أنظمة الدفع وتسريب الوقود، لم تستسلم شركة Astrobotic بل قررت تغيير خططها. حيث قامت بعد ذلك بتوجيه مركبة Peregrine للعمل بشكل أكثر شبهًا بالقمر الصناعي، حيث استغلت رحلتها الطويلة عبر الفضاء لاختبار أدواتها العلمية والأنظمة الأخرى على متنها.
لكن في النهاية، قررت شركة Astrobotic التخلص من المركبة الفضائية Peregrine بتحطيمها عمدًا في الغلاف الجوي للأرض.
مقال ذو صلة: الخرائط الكونية هي خطوة ناسا القادمة
معنى فشل مهمة بيرغرين
لعب التعاون بين شركة Astrobotic ووكالة ناسا دورًا محوريًا في إمكانية تحقيق مهمة Peregrine. فقد أبرمت المنظمتان اتفاقية مميزة تضمنت دعمًا ماليًا من ناسا بلغ 108 مليون دولار. ساعد هذا الدعم Astrobotic على تطوير مركبة الهبوط القمرية Peregrine وإعدادها للمهمة. كما شمل الاتفاق نقل خمس حمولات علمية تابعة لناسا على متن بيرغرين.
لكن لا تعتبر وكالة ناسا الأميركية مركبة Peregrine الفضائية خيارها الوحيد لإجراء الأبحاث الآلية على القمر. بل إنها تتعاون أيضًا مع ثلاث شركات أخرى تعمل على تطوير مركبات هبوط على القمر بشكل آلي. بما في ذلك شركة Intuitive Machines ومقرها هيوستن، والتي قد تطلق أول مهمة لها في منتصف فبراير.
من خلال برنامج خدمات الحمولة القمرية التجارية (CLPS)، صممت وكالة ناسا عقود الهبوط القمرية لتعمل بنظام “السعر الثابت”. وهذا يعني أن الوكالة تدفع مبلغًا إجماليًا محددًا للشركة المطورة، بدلًا من استمرار الدفع على مدار عملية التطوير، مما يقلل من مخاطر حدوث تقلبات غير متوقعة.
لم تُحقق رحلات الهبوط القمرية الخاصة نجاحًا حتى الآن رغم المحاولات الشجاعة. فخلال عام 2019، تحطمت مركبة فضائية إسرائيلية الصنع من شركة SpaceIL على سطح القمر أثناء محاولة الهبوط. بينما فقدت شركة Ispace اليابانية السيطرة على مركبتها وهي تتجه مسرعة نحو سطح القمر في عام 2023.
مقال ذو صلة: تلسكوب جيمس ويب يحل لغز انبعاث Lyman-α
فشل مهمة Peregrine يعيق طموحات الهبوط على القمر للقطاعين العام والخاص
يُعد فشل مهمة Peregrine القمرية انتكاسةً كبيرةً لشركة Astrobotic التي طوّرت مسبار Peregrine، وكذلك لوكالة ناسا. إذ يتشارك الطرفان هدف طموح ألا وهو تطوير مجموعة من مركبات الهبوط القمرية التجارية القوية والفعالة. وذلك بهدف تنفيذ المهام الروبوتية على القمر قبل أن تعود البشرية إلى سطحه لاحقًا في هذا العقد.
بالإضافة إلى الأموال التي حصلت عليها شركة Astrobotic من وكالة ناسا ووكالات الفضاء الحكومية الأخرى، تم توليد الإيرادات الخاصة بمهمة Peregrine من خلال شراكات شملت شركات دفن الفضاء التي ترسل رفات بشرية إلى القمر، بالإضافة إلى الحلي المعبأة واللوحات والعملة المشفرة بيتكوين وأشياء تذكارية أخرى للعملاء.
كما اعترف الرئيس التنفيذي لشركة Astrobotic، السيد جون ثورنتون، للصحفيين أن مهمة Peregrine كلّفت شركته أكثر مما عادت عليها بالربح. وأضاف، “نحن في مجال استكشاف الفضاء المليء بالمخاطر، وهذه ببساطة طبيعة أعمال الفضاء.”
وفي النهاية، رغم الخسائر المالية لمهمة Peregrine، لا تزال شركة Astrobotic مستمرة في رحلتها نحو القمر. فقد أمّنت الشركة بالفعل عقدًا مهمًا لإطلاق مركبة هبوط قمرية آلية أخرى لوكالة ناسا في وقت لاحق من هذا العام. فيما تحمل هذه المركبة الجديدة اسم Griffin، وهي أكبر حجمًا من Peregrine، وتهدف إلى وضع مسبار قرب القطب الجنوبي للقمر.
