علوم

حجب الشمس خطة بيل غيتس الغريبة

في أسوأ الاحتمالات، قد يكون حجب الشمس هو أملنا الوحيد.

بيل غيتس، رجل أعمال أميركي ومؤسس شركة مايكروسوفت، الذي اقترح مؤخرًا أن يتحول العالم إلى تناول اللحوم الاصطناعية بالكامل. وذلك بهدف الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن تربية الحيوانات. كما أعرب عن قلقه بشأن تأثير العملة المشفرة البيتكوين على البيئة، بسبب استهلاكها الكبير للطاقة.

كما يبدي بيل غيتس اهتمامًا كبيرًا أيضًا بفكرة حجب الشمس كوسيلة لتخفيف أو تأجيل تأثيرات تغير المناخ. وذلك فقًا لدراسة حديثة من برنامج أبحاث الهندسة الجيولوجية الشمسية بجامعة هارفارد. يحظى هذا البرنامج بدعم من بيل جيتس، والذي يسعى لتقييم مدى فعالية حجب أشعة الشمس عن سطح كوكبنا.

ومع ذلك، فإن مفهوم الهندسة الجيولوجبة الشمسية (هندسة المناخ) يبدو صعب الفهم. ما هي اذا، ولماذا يعتقد الناس أنها ضرورية لمكافحة تغير المناخ؟

مقال ذو صلة: سيول الربع الخالي مؤشر على تأثير تغير المناخ في السعودية

يدعم بيل غيتس الأبحاث الرامية إلى تطوير جزيئات دقيقة دورها حجب الشمس، وذلك كوسيلة للتخفيف من آثار تغير المناخ.

يشير مصطلح هندسة المناخ بشكل عام إلى التقنيات القادرة على تغيير الخصائص الفيزيائية للأرض على أكبر المقاييس الممكنة. تخيّل إمكانية تعديل الغلاف الجوي أو المحيطات أو حتى أنماط الطقس العالمية!. على سبيل المثال، تتمثل عملية تلقيح السحب في رش الطائرات لمواد دقيقة. هذه المواد تساعد على تحول بخار الماء في السحب إلى قطرات مطر.

بالإضافة إلى ذلك، هناك تقنية عزل الكربون التي تتمثل في جمع انبعاثات الغازات الدفيئة وتخزينها تحت سطح الأرض. بالمحصلّة، حجب أشعة الشمس هو خيار وحل جذري لتخفيف الاحتباس الحراري، لكنه لم يلقَ بعد اهتمامًا علميًا جادًا.

مقال ذو صلة: الذكاء الاصطناعي لتحسين نماذج الطقس والتخطيط العسكري

وحدة عزل الكربون في مصنع ماونتينير التابع لشركة «أميريكان إليكتريك باور»  بولاية فيرجينيا الغربية (رويترز)
وحدة عزل الكربون في مصنع ماونتينير التابع لشركة «أميريكان إليكتريك باور» بولاية فيرجينيا الغربية (رويترز)

ماهي الأساليب التي قد تستخدم بغرض حجب الشمس؟

وفي نفس السياق، حثّت الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب (NASEM) مؤخرًا الحكومة الأمريكية على إنفاق ما لا يقل عن 100 مليون دولار في سبيل تعميق دراسات هندسة المناخ. وهناك العديد من الأساليب لمنع أشعة الشمس من الوصول إلى سطح الأرض أو غلافها الجوي. تُعرف مجتمعةً باسم “هندسة المناخ الشمسية”.

أكثر الطرق شيوعًا لـ “هندسة المناخ الشمسية” تعتمد على عكس أشعة الشمس بعيدًا عن الأرض باستخدام رش جزيئات الغبارالتي تحتوي موادا معينة في الغلاف الجوي. لكن هذه الفكرة كانت هامشية حتى وقت قريب جدًا.

تشكل هذه الرواية أساس فيلم “Snowpiercer” (2013)، حيث تجمدت الأرض وتحولت إلى كرة ثلجية بلا حياة بعدما فشلت محاولات التعتيم الشمسي بشكل كارثي. ومن الجدير بالذكر، إن آلية العمل وراء هندسة المناخ باستخدام الهباء الجوي بسيطة إلى حد ما. لكن في الواقع، التركيبة الفيزيائية للجزيئات نفسها أكثر تعقيدًا.

من المثير للاهتمام أن تكون الطبيعة قد أثارت حجبًا شمسيًا باستخدام الهباء الجوي في الماضي من تلقاء نفسها. وذلك خلال ثوران بركان أيسلندا عام 2010، والذي حجب السماء بالكامل فوق أوروبا. كما تشير بعض النظريات أيضًا أن اصطدام الكويكب الهائل الذي يُعتقد أنه قضى على الديناصورات قد غطى الكوكب بطبقة كثيفة من الغبار الجوي. مع الظروف المناسبة، يمكن تحويل أي شيء تقريبًا إلى ذرات صغيرة ودقيقة تطفو في الهواء مثل الغاز.

مقال ذو صلة: لماذا القطب الشمالي يحتر أربع مرات أسرع من بقية العالم

قد يصبح التعتيم الشمسي يومًا ما آخر أمل لنا في مكافحة تغير المناخ

فكرة بيل غيتس لإنشاء مناطيد تضخ موادا لأجل التعتيم الشمسي
منطاد يرش مواد لعكس أشعة الشمس

دعا علماء من جامعة هارفارد، يعملون على مشروع “اختبار الاضطراب المُتحكم فيه في طبقة الستراتوسفير” (SCoPEx)، إلى زيادة الاهتمام بدراسة هندسة المناخ الشمسية في حال اضطررنا إلى اتخاذ إجراءات قوية لـ “كبح جماح” تغيّر المناخ. قوم هذه الدراسة، المدعومة من بيل غيتس، باستكشاف احتمالات هندسة المناخ الشمسية من خلال تجارب محدودة النطاق في الغلاف الجوي.

نخطط لاستخدام منطاد عالي الارتفاع لرفع حزمة أدوات على ارتفاع 20 كيلومترًا (12.42 ميلًا) تقريبًا في الغلاف الجوي. “بعد الوصول إلى الارتفاع المحدد، سيتم إطلاق كمية ضئيلة جدًا من المواد (حوالي 100 جرام إلى 2 كيلوجرام) لتشكيل منطقة مضطربة في الهواء بطول كيلومتر وعرض 100 متر.”

“بعد ذلك، سنستخدم نفس المنطاد لقياس التغيرات الناجمة في كتلة الهواء المضطربة، بما في ذلك كثافة الهباء الجوي، كيمياء الغلاف الجوي، وتشتت الضوء.”

“لم نحسم بعد أي مادة ستستخدم في هذه الاختبارات. يعتبر كربونات الكالسيوم متوفرًا وآمنًا (نستخدمه في دواء Tums). لكن قد تكون له نتائج غير متوقعة في طبقة الستراتوسفير.” وفي الوقت نفسه، شكّلت أكاديمية الهندسة الوطنية الأمريكية، من خلال تقريرها الذي لم يُنشر بعد، لجنةً تضم 16 خبيرًا علميًا دوليًا لوضع خطة بحثية لمزيد من الدراسات حول هندسة المناخ.

متى قد نضطر الى تنفيذ خطة التعتيم الشمسي؟

“شهد كوكبنا الخمس سنوات الأكثر حرارةً منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، حيث حلت الفترة من 2015 إلى 2019 في صدارة القائمة،” صرح الباحث كريس فيلد، في دراسة أجرتها أكاديمية الهندسة الوطنية الأمريكية.”تشكيل هذه اللجنة هو خطوة مهمة نحو فهم كل الحلول الممكنة لمواجهة تحدي تغير المناخ.

لا يزال من المبكر الجزم بما إذا كانت عكس أشعة الشمس فكرة سديدة لمكافحة الاحتباس الحراري، ولذلك يشدد جميع المعنيين (بمن فيهم بيل غيتس) على ضرورة إجراء دراسات استكشافية حول إطلاق جزيئات الهباء الجوي في الغلاف الجوي. دعونا لا نتسرع في مسألة هندسة المناخ وتجنب إجراء تجارب على عالمنا الهشّ.

من المهم دائمًا امتلاك خطة بديلة، وإذا لم تؤدي الإجراءات المتخذة من قبل الدول والكيانات والشركات إلى إبطاء تقدم تغير المناخ، فقد يصبح شيئًا مثل هندسة المناخ الشمسية آخر أمل لنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى