ثقافة

كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على صناعة التصميم الميكانيكي؟

بدأت وظائف مهندسي التصميم تظهر بشكل مختلف تمامًا عما كانت عليه قبل عقدٍ من الزمن.

على الأرجح أن معظمنا يستخدم تصميم الهندسة الميكانيكية بشكل يومي، ولكن ما هو مستقبل هذا المجال الحيوي؟

أحدث اختراع برامج التصميم (CAD) ثورة في مجال الهندسة الميكانيكية، حيث أدى إلى تغيير جذري في كيفية قيام المهندسين الميكانيكيين بتصميم المنتجات. لكن على الرغم من أن برامج CAD قد سهّلت عملية تصميم الهندسة الميكانيكية بشكل كبير، إلا أن هناك بعض المهام التي لا تزال تتطلب تدخلًا بشريًا.

على سبيل المثال، لا يزال المهندسون الميكانيكيون بحاجة إلى إدخال القيود يدويًا لأجزاء تبدو واضحة ومباشرة.

اذًا لا تزال هناك تحديات في عملية التصميم الهندسي. لذلك، على الرغم من قوة وذكاء البرامج، لا يزال المهندس الميكانيكي هو العامل الأساسي في الابتكار والمهارة في عملية التصميم.

مقال ذو صلة: رواتب الهندسة الميكانيكية في جميع أنحاء العالم

الخطوة التالية للمهندس الميكانيكي في التصميم

بلا شكّ إنّ برامج التصميم (CAD) هي الركيزة الأساسية في التصميم الميكانيكي الحديث. ولقد شهد هذا المجال قفزة هائلة بفضل الابتكارات المستمرة في البرمجة. كما أدى ذلك إلى ظهور إمكانيات مبهرة لبرامج التصميم (CAD)، لكن هذا يعني أيضًا أن CAD تحول إلى مهارة تعتمد بشكل كبير على لوحة المفاتيح. ونظرًا لشيوع هذا الأمر، فقد لا تجد شيئًا غريبًا في هذه الحقيقة.

من المعروف أن التصميم الميكانيكي المعتمد على لوحة المفاتيح يحصر المصمم في مهاراته التقنية ومعرفته بالبرنامج. رغم أهمية التصميم الميكانيكي المعتمد على لوحة المفاتيح ودوره البارز في مجال الهندسة، إلا أن التوقعات تشير الى إمكانية التطورات القادمة في تقنيات الكمبيوتر ستتيح للمهندسين الميكانيكيين التمتع بتصميم ميكانيكي “حر” يتجاوز قيود لوحة المفاتيح. ويرسم الأفكار الهندسية مباشرة ضمن حدود الواقع الفيزيائي.

هذا يعني أنه في حين قد نكون نحن المهندسين أذكياء بما يكفي لإدخال قيود التصميم، فلن نضطر إلى ذلك ببساطة. وهذا يفتح الباب أمام عصر الهندسة البحتة.

وحقيقة قد بدأت بالفعل ملامح هذا الواقع المستقبلي في الظهور. فمع ابتكار حواسيب اللمس، أصبحت واجهات التصميم الميكانيكي أكثر طبيعية. وبناء على ذلك، ستشكّل تقنيات الواقعِ الافتراضي والحوسبة الكمومية ثورةً في عالم التصميمِ الميكانيكي، وستمنحُ المهندسين إمكانياتٍ غير مسبوقةٍ لابتكار التصاميم المثالية. 

على سبيل المثال سيجد المهندسون الميكانيكيون أنفسهم قادرين على العمل من أي مكان في العالم. أي غير مقيدين بالعمل ضمن مكاتب ضيقة.

وبطبيعة الحال يدرك أي مهندس منخرط بفاعلية في أي مجال تقني تمامًا مدى أهمية المحاكاة في عملية التصميم الحديثة. فهذا يتجلى على مستويين:

  • قدرة المحاكاة المُحسّنة على توفير بيانات عملية مفيدة واستخدامها المتزايد في عملية التصميم.
  • فهم هذا التحول الكامل لأداة التصميم الحديثة.

مقال ذو صلة: أفضل كليات الهندسة الميكانيكية على مستوى العالم

محاكاة متكاملة في التصميم الميكانيكي

في تعريفٍ بسيط، تُعد المحاكاة استخدام نماذج تتنبأ بالمستقبل أو نماذج عملية كأداة للاستعداد للتصاميم المستقبلية والوصول إليها. ويمكننا رصد التوق إلى المحاكاة في صميم بدايات الهندسة، لكن استخدامها الحديث انطلق خلال الحروب العالمية وعصر الفضاء. كما تم استخدام نماذج محاكاة أكثر دقة في مشروع مانهاتن لنمذجة الانفجارات النووية وتصميم الصواريخ المستخدمة في بعثات الفضاء المبكرة. كل هذه “المحاكاة” جرت على الورق واستخدمت الرياضيات المنفصلة، ومعادلات نافير-ستوكس، وتحليل العناصر المحدودة، إلى جانب العديد من الصيغ الأخرى.

نشأت المحاكاة في أواخر القرن التاسع عشر، ولكن لم يتم استخدامها على نطاق واسع في الهندسة حتى السبعينيات. في ذلك الوقت، تم تطوير تحليل العناصر المحدودة (FEA) كطريقة لتحليل القوى والضغوط على الهياكل المعقدة. سمح FEA للمهندسين باختبار تصميماتهم الافتراضية قبل بنائها جسديًا.

كان تكامل FEA في CAE خطوة حاسمة في تطوير هندسة المساعدة الحاسوبية. سمح هذا التكامل للمهندسين باستخدام FEA كأداة لتصميم وتحسين المنتجات والأنظمة.

مقال ذو صلة: ما هي وظائف الهندسة الإلكترونية التي قد تجعلك ثريا؟

أهمية المحاكاة في التصميم الميكانيكي

تصميم الشكل الأولي لتصنيع السيارات المصدر: shalindesigns

اليوم، تعد المحاكاة باستخدام نماذج الكمبيوتر جزءًا أساسيًا من عملية التصميم الهندسي. يتم استخدامها في مجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك:

  • تصميم الهياكل، مثل الطائرات والسيارات والجسور
  • تصميم المنتجات، مثل الأجهزة الإلكترونية والأجهزة الطبية
  • تصميم العمليات، مثل العمليات الصناعية والعمليات الكيميائية

للانتقال من الجذور الرياضية للمحاكاة، تم استخدام المحاكاة الفيزيائية أيضًا في عملية تصميم كبسولات هبوط أبولو. اذ شارك رواد الفضاء الى جانب المهندسين في اختبار إجراءات الإطلاق والهبوط واستخدام جميع معدات أبولو. تمثّل هذه المحاكاة البسيطة للأجهزة البشائر الأولى لأدوات المحاكاة التي تسمح بتحليل حالات الاستخدام والسيناريوهات المختلفة.

وفي السنوات القليلة الماضية، أصبحت المحاكاة جزءًا لا يتجزأ من أدوات هندسة (CAE) الخاصة بنا، مثل برامج التصميم الميكانيكي. لقد تخطت المحاكاة في كثير من الجوانب قدرات تحليل الحالات البسيطة وأصبحت الآن، بمفهومٍ واسعٍ، تسبق عملية التصميم نفسها.

فاليوم بدلاً من تصميم قطعة ثم اختبارها للتأكد من عملها، أصبحت تتيح برامج المحاكاة المتكاملة مع برامج CAD مثل Nastran وأدوات توليد الأشكال في Inventor، إمكانية إجراء المحاكاة قبل التصميم أو خلاله. التصميم التوليدي يعتمد على المحاكاة لإنشاء التصميم، بينما تسمح أدوات التحليل بتقييم تصميم القطعة في كل مرحلة.

مقال ذو صلة: التحديات الكبرى في الهندسة

العقبات أمام المحاكاة المتكاملة

المصدر: fit.ac.jp

حتى مع الوضع الحالي لبرامج المحاكاة المتكاملة مع برامج CAD، لا تزال هناك عقبات يتعين التغلب عليها وتحسينات مطلوبة. أظهر مؤتمر NAFEMS العالمي، وهو مؤتمر الجمعية الدولية لمجتمع نمذجة الهندسة والتحليل والمحاكاة، مؤخرًا في دورته لعام 2017 العديد من المجالات التي تتطلب تحسينًا في أدوات المحاكاة.

كما حدد مؤتمر NAFEMS العالمي ثلاث مجالات رئيسية تحتاج أدوات المحاكاة إلى تحسينها:

  • التعلم التراكمي وإعادة استخدام المعرفة: يجب أن تتمكن أدوات المحاكاة من التعلم من التحليلات السابقة وتطبيق هذه المعرفة في مشاريع مستقبلية.
  • سرعة ودقة النماذج: يجب أن تكون عمليات المحاكاة أسرع وأكثر دقة.
  • المحاكاة في مرحلة ما قبل التصميم: يجب أن تتمكن أدوات المحاكاة من إجراء التحليلات في مراحل مبكرة من عملية التصميم.

إذن، بالرغم من تطور واستخدام أدوات المحاكاة جنبًا إلى جنب مع برامج CAD بشكلٍ يفوق بكثيرٍ توقعات الكثيرين، لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه قبل الوصول إلى الكمال. فكلما تحسنت البنية التحتية التقنية، زادت قدراتنا في مجال المحاكاة.

حرية المهندسين

أخيرًا، الهدف النهائي من تطوير التصميم الميكانيكي هو تحرير المهندس من قيود واجهة الكمبيوتر، والسماح له بالإبداع دون حدود.

بالتباعد عن واجهة التصميم الميكانيكي التقليدية، فإن الصناعات التي ستحتاج بشدة إلى التصميم الميكانيكي في المستقبل القريب هي صناعات مثل صناعة السيارات والتصنيع. إلا أن هناك صناعة جديدة تنمو بثبات وتتطلب مهارات أفضل مهندسي التصميم الميكانيكي ألا وهي تصميم الذكاء الاصطناعي. فسيلعب الذكاء الاصطناعي، من برامج وآلات، دورا ضحما في تصميم كل شيء مستقبلا.
مع ذلك، لا داعي للقلق بشأن فقدان وظيفتك بوجود الروبوتات في الوقت الحالي. فالمهام المحددة لمهندسي التصميم ستتغير مع الذكاء الاصطناعي، لكنّها لن تختفي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى