ثقافة

مستقبل التعليم في حضور الواقعين الافتراضي والمعزز

يملك المعلمون الآن أداة قوية بين أيديهم: الواقع المعزز. يمكن لـ AR تحفيز الطلاب وإشراكهم في عملية تعلّم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والبرمجة بشكل أسرع وأكثر متعة وتحسيناً من أي وقت مضى.


بحلول عام 2025، سيُشكِّل أصغر جيل على الإطلاق، جيل ألفا، المعروف أيضًا باسم “جيل الإنترنت”، ما يقرب من ملياري شخص من سكان العالم.

جيل ألفا هم الجيل الأول المولود بالكامل في القرن الحادي والعشرين بين عامي 2010 و 2025. ويُعتبرون أكثر فئة ديموغرافية مشبعة بالتكنولوجيا حتى الآن.

يستخدم أبناء الجيل هذا التكنولوجيا والهواتف الذكية والحواسب اللوحية والكمبيوتر بشكل طبيعي وتلقائي. فهم لم يعرفوا الحياة بدون الإنترنت أو ألعاب الفيديو. يعيش بعضهم في منازل ذكية ويتحدثون مع مساعد صوت ذكي كل صباح قبل الذهاب إلى المدرسة.

جيلٌ ولدَ محمولًا على شاشات آيفون وآيباد وتطبيقاتها المتنوعة، يطمحُ إلى استكشاف الفضاء على متن صواريخ Space X والمشي على سطح المريخ. لا يمكنه حتى تخيّل كيف كان العالم بدونهذه التقنيات المتطورة

بحلول عام 2025، سيصل أعداد مواليد جيل ألفا إلى 2 مليار حول العالم. كما سيشكلون الفئة العمرية الأكثر ثراءً وتعليمًا ومعرفة بالتكنولوجيا في التاريخ.
رئيس العمليات في غرانت ثورنتون المملكة المتحدة

جيل ألفا سيكونون مستعدين للمستقبل بفضل التقنيات والابتكارات الجديدة في التعليم. على سبيل المثال ستغيّر تقنيات مثل الواقع المعزّز والواقع الافتراضي والواقع المختلط والروبوتات والذكاء الاصطناعي واقع التعليم حرفيا.”

وفقًا لشركة أبحاث Markets and Markets، شهد سوق الواقع المعزّز نموًا قويًا في عام 2018. ومن المتوقع أن تصل قيمته إلى 61.39 مليار دولار بحلول عام 2023. بالإضافة إلى النمو الكبير لسوق الواقع المعزز في 2018، تبرز هذه التقنية كواحدة من أبرز صيحات عالم التكنولوجيا بين عامي 2019 و2020. ومن الواضح أنّه ليس موضة عابرة بل قوة قادمة للسيطرة على مختلف الصناعات، بما في ذلك التعليم والتدريب.

مقال ذو صلة: ما هو الذكاء الاصطناعي؟

تكنولوجيا الواقع المعزّز في التعليم

ستفتح المؤسسات التعليمية التي تستخدم أحدث التقنيات في الفصول الدراسية وفي الرحلات الميدانية لأطفال جيل ألفا آفاقًا جديدة في التعلم. ,ستكون استفادة جيل ألفا من أحدث التقنيات بمثابة استثمار في بناء قادة المستقبل على أسس متينة من المعرفة والابتكار.

لكن ستواجه المؤسسات التعليمية صعوبة في مواكبة احتياجات أطفال جيل ألفا إذا لم تتغير لتتناسب مع توقعاتهم. جيل ألفا معتادون على اكتساب المعرفة من خلال التفاعل مع الشاشات والتجارب المباشرة. لهذا تحتاج المدارس إلى توفير بيئة تعليمية ملائمة تعزز هذا النوع من التعلم.

بمعنى آخر، يحتاج التحول لجيل ألفا إلى إعادة التفكير في التعليم بأكمله، من برامج المناهج إلى تصميم الفصول الدراسية، وصولاً إلى أساليب التدريس. كما يجب على المدارس البدء في إعداد برامج تعليمية تتمتع بدرجة كافية من المرونة لتتكيف وتتطور بسرعة مع عقولهم المتسائلة والسريعة الاستيعاب.


وحسب جيني كوتزي، مُعلّمة مهنية وعضو مؤسس في مدرسة كروفورد لا لوسيا المرموقة التابعة “ADvTECH Group‘s” ، “هؤلاء الأطفال هم الجيل الأكثر ارتباطًا وتعليمًا وتطورًا حتى الآن، لذلك عند تعليمهم، يجب على المدرسة توفير بيئة تعزز التعلم لهؤلاء المُتكاملين مع الرقمي.”

كما يحتاج جيل ألفا إلى برامج تعليمية تعزز مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات أكثر من حفظ الحقائق والمعلومات. ستشكلُّ هذه القدرةُ أحدَ الدعائمِ الأساسيةِ لمستقبلهمَ الذي سيشاركونه معَ روبوتات الذكاء الاصطناعي والحواسيب الكمومية.”

بفضل التقنيات الناشئة، مثل الواقع المعزّز والواقع الافتراضي والواقع المختلط (AR/VR/MR)، يمكن للفصول الدراسية اليوم دمج محتواهم، الأمر الذي يجعل التعلم أكثر كفاءة وسرعة ومتعةً بكثير. بداية من الرياضيات إلى الكيمياء إلى علم الأحياء، وبقليل من الإبداع، يمكن دمج الواقع المعزز في أي مادة تقريبًا.

مقال ذو صلة: تاريخ جوجل ومحطات عديدة لأهم شركة في عصر التكنولوجيا

شركات رائدة في هذا المجال

بعض الشركات، مثل إندستري، وهي شركة حائزة على جوائز في مجال تجارب الواقع المعزز للترفيه والتسويق والتعليم، يمكنها بالتأكيد إدخال الديناصورات إلى الفصول الدراسية بنفس الطريقة التي فعلتها مع Jurassic Park في Universal Studios في أورلاندو، فلوريدا

ولا شكّ هذه واحدة من أفضل الطرق التي يمكن للمعلم استخدامها لإشراك وتحفيز الطلاب. في أيامنا هذه لم يعد تحويل الفصول إلى مناطق مليئة بالإثارة والاستكشاف بحاجة إلى خبرات تقنية خارقة. ففي ظلّ توفر أدوات وتطبيقات بسيطة الاستخدام لإنشاء الواقع المعزّز والافتراضي، أصبح بإمكان أي معلم، حتى بدون مهارات برمجة كبيرة، أن يرسم عالماً تعليمياً مشوقاً وممتعاً.

ومن الممتع أنّ الواقع المعزّز يأخذنا إلى ما وراء حدود الرؤية العادية، إذ يضع فوق العالم الحقيقي طبقات من المعلومات الرقمية التفاعلية. ويصاحب ذلك إضافة مؤثرات صوتية وبصرية وغرافيكية، ليكتمل بذلك المشهد الحيوي الذي يعزز تجربتنا مع ما يحيط بنا.”

من ناحية أخرى، يخلق الواقع الافتراضي بيئة مختلفة تمامًا، عالمًا صناعيًا يحل محل العالم الحقيقي. حيث يمكننا الانغماس فيه تمامًا مثل الشخصيات التي تتقمص شخصيات افتراضية في فيلم ستيفن سبيلبرغ “بداية اللاعب الأول”

مقال ذو صلة: الذكاء الإصطناعي لجوجل يكتسب وعيا بشريا

عندما ظهر مصطلح “الواقع المعزّز” لأول مرة عام 1990، كانت بعض التطبيقات التجارية الأولى له، محصورة بطبيعة الحال، في الإعلام والمجالات العسكرية. لكن، ومع تطور هذه التقنية بشكل ملحوظ، نشهد اليوم تطبيقاته في مختلف الصناعات. وقد حصد هذا التحوّل فوائد عديدة في مجالات متنوعة، بما في ذلك التعليم.

فوائد التعلم باستخدام الواقع المعزز في التعليم

أظهرت نتائج البحوث أن استخدام الواقع المعزز في التعليم يؤدي إلى نتائج أفضل لدى المتعلمين مقارنة بالطرق التعليمية الاعتيادية التي تفتقر لتقنيات الواقع المعزز; على سبيل المثال:

  • زيادة فهم المحتوى
  • فهم العلاقات المكانية بين الأشياء والأحداث
  • رفع المهارات اللغوية
  • القدرة على تذكر المعلومات لفترة طويلة
  • تحسين القدرات الحركية
  • تعزيز العمل الجماعي
  • جعل التعلم أكثر جاذبية للطلاب

لكن من جهة أخرى، وجد الباحثون أن الواقع المعزز قد يؤثر سلبًا على التعلم في بعض الحالات. بالتخطيط والتنفيذ السليمين يمكن تجنب ذلك.

  • تركيز الانتباه على شيء واحد
  • صعوبات الاستخدام
  • تكامل غير فعال في الفصل الدراسي
  • تنوع المتعلمين

مقال ذو صلة: مواقع الذكاء الاصطناعي ستجعل من حياتك أسهل

استراتيجيات لتنفيذ الواقع الافتراضي والمعزّز في الفصل الدراسي

جيمي دونلي هي معلمة رياضيات سابقة ومنسّقة تقنية على مستوى المنطقة، كما أصبحت الآن مستشارة تعليمية مستقلة. كذلك تؤمن جيمي بأن استخدام الواقع المعزز والافتراضي في الفصول الدراسية لا يقتصر على الترفيه، بل يتعلّق أيضًا بتعزيز الدروس وتعميق خبرات الطلاب من خلال الرحلات الميدانية الافتراضية الغامرة.

جيمي كتبت كتاب بعنوان “رحلة تعليم”، تتناول فيه المخاوف والتحديات التي تواجه دمج الواقع الغامر في الفصول الدراسية، وتسعى إلى تحفيز المعلمين على استخدام هذه التقنيات الجديدة في تدريسهم.

كل أسبوع، تفتح جيمي نافذةً على تويتر لمناقشة حماسية حول توظيف الواقع المعزز والافتراضي بالفصول. هناك، يستطيع المعلمون طرح الأسئلة والاستفادة من آراء بعضهم البعض، ويحصلون على نصائح حول أفضل السُّبُل للتخطيط ودراسة دروس الواقع المعزز المفعمة بالإبداع.

أدوات ومنصات لإنشاء محتوى الواقع الافتراضي والمعزز في الفصول الدراسية

تتيح أدوات الواقع المعزز للطلاب ليس فقط التفاعل مع التقنية، بل تعطيهم أيضًا إمكانية خلق محتواهم الخاص. اذ يعد هذا أمرًا ضروريًا لتعزيز مهارات القرن الحادي والعشرين مثل الإبداع وحل المشكلات والتفكير النقدي والتحليل والبرمجة والاختبار التكرار، وهي عملية تصميم الاختبارات بناءً على استنتاجات الاختبارات السابقة لإجراء تغييرات تدريجية قائمة على الأدلة.

قامت إيبكو، وهب شركة المكتبات الكبيرة، باختيار عشرة تطبيقات رائعة تستخدم الواقع المعزز في المدارس، لتساعد المعلمين على تحسين وتخصيص عملية التعلم للطلاب من جميع المراحل.

من بينها على سبيل المثال:

CoSpaces Edu أداة تصميم تتيح للطلاب ذوي الخبرة في البرمجة إنشاء عوالم افتراضية ثلاثية الأبعاد. كما يمكنهم أيضًا تصميم الرسوميات التوضيحية وسرد القصص من خلال المعارض والجولات الافتراضية. باستخدام CoSpaces Edu، يستطيع المعلمون إنشاء فصل دراسي افتراضي وتعيين واجبات للطلاب. بل ويمكنهم أيضا تحميل الصور وصور 360 درجة، كما يتوفر تطبيق مرافق للمنصة لتسهيل الاستخدام.

MERGE Cube: أداةٌ جوالةٌ متعددة المنصات للواقع المعزز تتيح لك الإحساس بحمل صورةٍ ثلاثيةٍ الأبعاد بين يديك. وبحسب التطبيقات التي تحملها، يمكن للمكعب أن يتحول إلى أشياءَ ومفاهيمَ مختلفة. باستخدام مكعب ميرج، يستطيع المعلمون تصميم دروسٍ وأنشطة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) أو تجربةٍ تعليمية غامرة في العلوم أو التاريخ. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطلاب تطوير المحتوى وبرمجة تطبيقاتٍ تفاعلية ومشاهدة إبداعاتهم تنبض بالحياة في الواقع المعزز.

تضم القائمة التي جمعناها مجموعة رائعة من أدوات الواقع المعزز، تكفي لتلبية احتياجات أي فصل دراسي وأي أسلوب تدريس. إضافة لمسة سحر الواقع المعزز تجعل التعليم والتعلم أكثر متعة وفعالية بكل تأكيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى