ثقافة

انهيار ممشى Hyatt Regency المأساوي وتداعياته

ممر المشاة المنهار في فندق Hyatt Regency هو تذكير مرير من الماضي لجميع المهندسين المدنيين اليوم. تابع القراءة لمعرفة تفاصيل هذا الحادث المأساوي.

في 17 تموز من عام 1981 ، انهار ممشى فولاذي ضخم في فندق Hyatt Regency في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية. أسفر ذلك عن مقتل 114 شخصًا وإصابة 236 آخرين. انهارت ممرات الفندق خلال حفل كان يجري في القاعة الداخلية. لقد كان انهيار الممشى فعلا واحد من أسوأ الكوارث في تاريخ الولايات المتحدة.

العد التنازلي لكارثة انهيار فندق Hyatt Regency

بدأت أعمال بناء فندق Hyatt Regency Kansas City في أيار 1978،

ورغم بعض العراقيل والتأخيرات، فتح المبنى المكوّن من 40 طابقًا أبوابه للاستقبال في تموز 1980. محققًا إنجازًا هندسيًا مثيرًا للإعجاب ليصبح في ما بعد مقصدًا سياحيًا شهيرًا في كانساس سيتي. لكن انهيار سقف القاعة الداخلية كان عقبة كبرى، حيث حدث بشكل مفاجئ بسبب فشل الوصلات في الطرف الشمالي للمبنى.

كان اللوبي أحد أهم معالم الفندق، حيث ضم قاعة داخلية متعددة الطوابق تمتد عبرها ممرات معلقة تتحدى الجاذبية وتتدلى من السقف.  صُممت الممرات لتكون خفيفة الوزن ومتينة في نفس الوقت، باستخدام دعامات فولاذية رفيعة وكابلات شد قوية. بلغ طول كل ممر حوالي 37 مترًا (121.4 قدمًا) ووزنه حوالي 29000 كيلوجرامًا (63934 رطلًا). وكانت التصميم بحيث يقع الممر في الطابق الرابع مباشرة فوق الممر في الطابق الثاني.

مقال ذو صلة: أقوى الزلازل في التاريخ البشري

عندما ضربت الكارثة فندق Hyatt Regency Kansas City

في وقت وقوع الكارثة، كان هناك حوالي 1600 شخصًا مجتمعين لحفل راقص. وفي حوالي الساعة 7 مساءً، كان يقف على الممر في الطابق الثاني حوالي 40 شخصًا يشاهدون الحفل. أما ممرات الطابقين الثالث والرابع فقد ضمّت حوالي 16 و20 شخصًا على التوالي.

في البداية أثناء البناء، تم اكتشاف خلل واضح في التصميم. حيث كانت الخطة الأصلية تتضمن ستة قضبان معلقة من الفولاذ تمتد مباشرة من الممر بالطابق الثاني إلى السقف للدعم. لكن اعترض مقاول تصنيع الفولاذ على هذا التصميم، اذ اعتبر أن استخدام قضبان لولبية لتثبيت ممر الطابق الرابع غير آمن.

عندها وضّح المقاول أن التصميم الأصلي يشكل خطراً واقترح خطة بديلة. أن يتم استخدام مجموعة من القضبان التي تربط ممر الطابق الرابع بالسقف، ومجموعة أخرى منفصلة تربط ممر الطابق الثاني بممر الطابق الرابع.

في النهاية، تم اعتماد خطة المقاول للبناء، مما يعني أن ممر الطابق الثاني تم تثبيته بممر الطابق الرابع. نتيجة لذلك، تعرّضت القضبان المعلقة العليا لممر الطابق الرابع لضغط هائل، حيث أُلزمت بحمل ضعف الوزن الذي صُممت لتحمله في البداية. على الرغم من أن التغيير في التصميم كان يبدو طفيفًا، إلا أنه كان كافيًا ليهدد سلامة الهيكل بشكلٍ كبير.

باختصار، فإن القضبان التي تربط الممرات ببعضها البعض تعرّضت لضغط أكبر من المفترض، بسبب تعديلات تصميم القضبان. وهذا بدوره أدى الى حدوث تشققات في العارضة بسبب الضغط الزائد الذي تعرضت له. ف

وهنا حلّت الكارثة اذ انهارت الوصلات بشكل غير متوقع، وارتطمت جسور الطابقين الرابع والثاني بالأرضية بقوة، مما تسبب في إصابة العديد من الأشخاص. بعد أن هدأ الغبار، تكدست أكوام من الصلب والخرسانة والزجاج المحطم على جثثٍ عديدة. وصف رجال الإنقاذ المشهد لاحقًا بأنه أشبه بساحة حرب.

مقال ذو صلة: أعظم المهندسين الذين أحدثوا تأثيرات هائلة على العالم

وصول رجال الإنقاذ إلى موقع كارثة الهندسة المدنية

رجال الإنقاذ بحاولون اسعاف المصابين في فندق هيات ريجنسي

وصلت فرق الإنقاذ إلى فندق Hyatt Regency بعد وقت قصير من انهيار الممرات، وبدأت عملية إنقاذ استمرت 14 ساعة. ضمّت الفرقة أعضاءً من شرطة الإطفاء ووحدات الطوارئ الطبية وأطباءً من خمسة مستشفيات محلية. وعثرت فرق الإنقاذ على كتلة ضخمة تزن 60 طنًا من الصلب والخرسانة والزجاج تحاصر الضحايا.


لم تكن شاحنات الرافعة الصغيرة بالفندق ورافعات الإطفاء القوية كافية لتحريك الحطام الضخم. اضطر رجال الإنقاذ إلى طلب المساعدة من الشركات المحلية.

كانت بعض أقسام الممرات المنهارة ثقيلة للغاية لدرجة أنهم اضطروا لاستخدام الرافعات لتحريكها. وكذلك أيضًا تم إنشاء مراكز إسعافات أولية وثلاجات لحفظ الموتى بسرعة على ساحة الفندق وخارجها لمساعدة الجرحى والمتوفين. فيما تم إعطاء الضحايا الذين أصيبوا بجروح قاتلة المورفين لتخفيف آلامهم، وقد اضطر رجال الإنقاذ في بعض الأحيان إلى تفكيك الجثث للوصول إلى ضحايا آخرين. بينما اضطر بعض الناجين إلى بتر أطرافهم للخروج من تحت الأنقاض.

لسوء الحظ، لم تكن جسور الانهيار هي المشكلة الوحيدة. بل زاد الطين بلة أن أنظمة الرشاشات المتضررة تسببت في تدفق المياه إلى القاعة الرئيسية. ولم تكن هذه الشبكات تعتمد على إمدادات المدينة من المياه، بل كانت تستخدم خزانات خاصة. وبسبب ذلك، لم يكن من الممكن إيقاف تشغيلها. فتحولت المياه المتدفقة إلى كابوس يهدد الضحايا المحاصرين بالغرق.

هنا أدرك قائد إطفائية مدينة كانساس سيتي أن الأبواب الأمامية للفندق تعمل كسد أمام مياه الفيضان التي تغمر بسرعة قاعة الفندق الرئيسية. ليقوم بإصدار أمرٍ باستخدام جرافة لتدمير الأبواب ووصل الأنابيب المكسورة بخراطيم المياه لمنع المزيد من الفيضانات. إضافة لذلك، كان لابد من قطع إمدادات الكهرباء لمنع اندلاع الحرائق.

مقال ذو صلة: التحديات الكبرى في الهندسة

كيف تم تخطيط هذا المشروع الهندسي المميت؟

بعد ثلاثة أيام من الكارثة وعمليات الإنقاذ، بدأ المهندس الإنشائي واين ج. ليشكا إجراء تحقيق شامل. فاكتشف في النهاية أن تصميم قضبان الربط كانت مسؤولة عن الانهيار. اذ وجد ليشكا اختلافًا خطيرًا عن التصميم الأصلي. كان من المفترض تعليق الممرات من القاعة الرئيسية على قضبان مستمرة. وفي مرحلة ما، تم تغيير ذلك، وهي خطوة غير صائبة أدت إلى الكارثة.

بينما حذرّت الشركة المصنعة للقضبان قبل استخدامها في المشروع من أن عملية التخصير، وهي إنشاء خيوط لولبية على طول القضبان لتثبيتها بالربطات، تجعلها ضعيفة وهشة. وأشارت الشركة إلى أن التخصير يقلل من سماكة القضبان ويخلق نقاط ضغط يمكن أن تتكسر بسهولة، خاصةً أثناء عملية تركيب الممرات الثقيلة وحركتها باستخدام الرافعات.

قام المسؤولون عن المشروع بتغيير تصميم قضبان الربط، واستبدلوا القضبان المستمرة المخطط لها في الأصل بمجموعتين منفصلتين. تم استخدام إحدى المجموعتين لربط الطابق الرابع بسقف القاعة الرئيسية، بينما قامت المجموعة الأخرى بتثبيت ممر الطابق الثاني بممر الطابق الرابع.

source: Wikimedia Commons

كان هذا التصميم مآلًا إلى كارثة. حيث ألقى عبئًا إضافيًا على عوارض الطابق الرابع، إذ اضطرت إلى تحمل وزن كلٍّ من ممر الطابق الرابع وممر الطابق الثاني تحته. كما اتضح، كانت وصفة لكارثة. وفي تلك الليلة، أصبح الضغط هائلاً لا يطاق. انشطرت عوارض الصندوق على طول اللحامات، وانزلقت الصواميل التي تثبتها عبر الفجوة.

كشفت التحقيقات عن وجود مشاكل في التواصل بين مختلف الأطراف المشاركة في المشروع. اذ لم يتم إبلاغ بعض الجهات بالتغييرات التصميمية بشكل واضح، مما أدى إلى عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.

في أعقاب كارثة فندق Hyatt Regency والانهيار المريع، تم تشكيل لجنة تحقيق حكومية لتحديد الأسباب. خلصت اللجنة بعد ذلك إلى أن العوامل التالية ساهمت في الانهيار:

  • تصميم سيئ
  • تنفيذ غير صحيح
  • سوء التواصل

تداعيات الانهيار المروع لممر المشاة في فندق Hyatt Regency

كانت التداعيات خطيرة للغاية. فقد تم تجريد المهندسين والشركات التي ثبتت مسؤوليتها عن الحادث من تراخيصهم، بل وحتى أعلن بعضهم الإفلاس. قضت المحاكم بتعويضات للضحايا تبلغ قيمتها حوالي 140 مليون دولار، كما حصلوا على دفعات تأمين كبيرة.

اتفق معظم الخبراء على أن هذا لم يكن ليحدث أبدًا. رغم إجراء تغييرات على التصميمات، إلا أن المخططات الأصلية لم تكن مثالية بأي حال. أظهر التحقيق أنها كانت ستفي فقط بنسبة 60٪ من متطلبات كود البناء المحددة من قِبل المدينة. كفي القول إن الإهمال الفادح من جانب أعضاء الفريق أدى إلى كارثة كان من الممكن تفاديها بسهولة.

بعد الكارثة، خضع الفندق لعملية تجديد شاملة، شملت إعادة بناء ممر مشاة واحد فقط، هذه المرة باستخدام أعمدة دعم بدلاً من قضبان الربط. عد الحادثة، ظل تصميم صالة الاستقبال في فندق Hyatt Regency كما هو إلى حد كبير، باستثناء الطابق الثالث الذي لم يعد يحتوي على ممر مشاة يربطه بباقي الطوابق. والجدير بالذكر أن اسم الفندق تغير منذ ذلك الحين ليصبح شيراتون آت كراون سنتر Sheraton at Crown Center.

ظل حادثة انهيار ممر المشاة في فندق Hyatt Regency واحدة من أسوأ الكوارث الهندسية المدنية في تاريخ الولايات المتحدة. وقد حظيت بدراسة مكثفة ولا تزال تمثل تحذيرًا قويًا لجميع المهندسين الحاليين والمستقبليين حول العواقب المحتملة لاختصار الإجراءات وعدم توخي الدقة والشمولية.

تظل كارثة فندق Hyatt Regency عبرة حاضرة في مجال أخلاقيات الهندسة، ناهيك عن إدارة الكوارث، ونأمل ألا تتكرر أبدًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى