علوم

ماذا تعرف عن علم الأرصاد الجوية أو ال "Meteorology"؟

يعد علم الأرصاد الجوية فرعا من فروع علوم الغلاف الجوي، والتي تشمل كيمياء وفيزياء الغلاف الجوي والفيزياء، مع التركيز بشكل رئيسي على التنبؤ بالطقس.

عند النظر إلى السماء، هل تلاحظ هطولًا للأمطار أم سطوعًا للشمس؟ هل تظهر أمامك سحب منتفخة تشبه أعواد المارشميلو، أم سحب داكنة عاصفة تنذر بالصقيع؟ بغض النظر عن مظهر السماء، فإن ما تراه هو الغلاف الجوي السفلي للأرض، وهو المجال الذي يدرسه علم الأرصاد الجوية. متضمنًا دراسة الظواهر الجوية التي تحدث فيه مثل هطول الأمطار ودرجات الحرارة والرياح والسحب.

تاريخ مقتضب

يُعتبر الفيلسوف اليوناني أرسطو من رواد علم الأرصاد الجوية الأوائل. وذلك بفضل أطروحته الشهيرة “Meteorologica” (الخطوط عن الأرصاد الجوية) التي كُتبت في حوالي عام 350 قبل الميلاد.

يُعد هذا العمل واحداً من أقدم المحاولات الجادة لفهم غلاف الأرض الجوي ودورة المياه في كوكبنا. علمًا أنّ كلمة “ميتورولوجيا” مشتقة من اللغة اليونانية. والتي تعني “شيء عالٍ” خيث أشارت إلى أي شيء يمكن ملاحظته في الغلاف الجوي. كما استمر هذا المصطلح على مر القرون، لذلك أصبح خبراء الغلاف الجوي يُعرفون باسم ” meteorologists”.

علم الأرصاد الجوية من فلسفة أرسطو

وإلى ما قبل انتشار أجهزة الهاتف الذكية ظلّت الأمثال الشعبية عن الطقس مثل “السماء الحمراء في المساء بهجة الراعي”، أو “السماء البيضاء ليلًا يليها صقيع باكرًا”، تعكس ملاحظات علم الأرصاد الجوية البدلئية، وإن لم تكن تفسّرها علميًا. حيث كانوا يربطون بين ظواهر معينة وأحوال الطقس بعدها بشكل تجريبي دون فهم للآليات الفيزيائية الكامنة وراءها. صحيحٌ أنّ هذه الأمثال لا تتمتع بدقة علمية عالية، ولكنها تمثل شهادةً تاريخيةً على جهود البشر عبر العصور لمراقبة السماء وتدوين مشاهداتهم بشأنها. وتشكل بعض هذه الملاحظات، حتى الآن، جزءًا أساسياً من علم الأرصاد الجوية.

مقال ذو صلة: ما هي الفرضيات التي تفسّر نشوء العصر الجليدي؟

مفهوم علم الأرصاد الجوية الرئيسي “Meteorology”

اذًا علم الأرصاد الجوية هو علم يدرس الغلاف الجوي والظواهر التي تحدث فيه وتأثيرها على الطقس الذي نشهده. بينما يكون الغلاف الجوي عبارة عن طبقة من الغازات تحيط بالكواكب. مثل الغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض وسمكه حوالي 100 إلى 125 كيلومتر (65-75 ميلاً). فيما تمنع جاذبية الأرض الغلاف الجوي من التمدد أبعد من ذلك.

علم الأرصاد الجوية ليس موضوعًا قائمًا بذاته، بل يعتبر “فرعًا فرعيًا” (أو تخصصًا دقيقًا) ضمن مجال أوسع هو “علوم الغلاف الجوي”. يشمل “علوم الغلاف الجوي” كافة الدراسات والأبحاث المرتبطة بهذا الغلاف الذي يحيط بكوكبنا.

مقال ذو صلة: أكثر الأماكن حرارة على الأرض في الوقت الحالي

 تخصصات علوم الغلاف الجوي الثلاثة

علم المناخ (Climatology): يركّز هذا العلم على دراسة تأثير التغييرات التي تحدث في الغلاف الجوي على تشكيل وتعديل مناخات مختلفة حول العالم. بمعنى آخر، يتتبع علم المناخ كيف تؤثر الأنماط الجوية طويلة المدى والأحداث الكبيرة مثل الاحتباس الحراري على الظروف المناخية في مناطق مختلفة.

علم الفضاء الجوي (Aeronomy): يهتم هذا العلم بدراسة الأجزاء العليا من الغلاف الجوي، حيث تحدث تفاعلات كيميائية وفيزيائية فريدة بسبب انخفاض الضغط وكمية الإشعاع الشمسي المرتفع. يشمل نطاق دراسة علم الفضاء الجوي ظواهر مثل الشفق القطبي وتأثير النشاط الشمسي على الغلاف الجوي العلوي.

مسبار ناسا AIM (Aeronomy of Ice in the Mesosphere) لدراسة الفضاء الجوي \ ناسا

علم الأرصاد الجوية (Meteorology): ينصب اهتمام هذا العلم على دراسة الأجزاء السفلى من الغلاف الجوي، وخاصة التروبوسفير. حيث تحدث معظم الظواهر الجوية التي نختبرها يوميًا مثل الأمطار والرياح والعواصف. بمعنى آخر، يركز علم الأرصاد الجوية على فهم ديناميكيات الغلاف الجوي السفلي وتوقع التغييرات في الطقس على المدى القصير والمتوسط.

مقال ذو صلة: روبوت يدخل إلى مركز إعصار غاضب ويرسل لقطات جامحة

علماء الأرصاد الجوية “meteorologists”

عالم أرصاد جوية Source: Collegecliffs

علماء الأرصاد الجوية هم مراقبون وباحثون. يلاحظون الظروف الفيزيائية للغلاف الجوي فوقهم، ويدرسون الخرائط والبيانات الواردة من الأقمار الصناعية والرادار. كما يقارنون أنواعًا مختلفة من بيانات الطقس من مصادر محلية وإقليمية وعالمية.

يجوب علماء الأرصاد الجوية مختلف أنحاء العالم، عاماً بعد عام، في رحلة علمية لفهم العواصف بشكل أفضل وضمان سلامة الناس. كما تُعَد شاحنات الرادار أداةً أساسيةً لقياس شدة العواصف والأعاصير بشكلٍ دقيق.

يهتم العاملون في هذا المجال بالتنبؤ بحالة الطقس بشكل أساسي، وهذا ما يعرفه الناس عنهم، لكنهم يهتمون أيضا برصد تبعات التغيرات المناخية على المجتمعات البشرية. وبالتالي يجد هذا المجال أهمية في نطاقات أخرى مثل الطيران والنقل البري البحري ومجالات الزراعة والطاقة المتجددة والهندسة المدنية ومراقبة التلوث البيئي، مما يعطيهم إمكانية المشاركة في وضع السياسات العامة لحكومات الدول.

بينما يعمل خبراء الأرصاد الجوية في الوكالات الحكومية والاستشارات الخاصة وخدمات البحث والمؤسسات الصناعية والمرافق، وبالطبع محطات الإذاعة والتلفزيون وفي التعليم كذلك.

مقال ذو صلة: نسبة ذوبان الجليد في غرينلاند فاقت تقديرات الباحثين

أهمية علم الأرصاد الجوية

يعتبر القطاع الزراعي واحدا من أكثر القطاعات الذي يرتبط بعملية الرصد الجوي. حيث يعتمد المزارعون على التعليمات الصادرة عن الأرصاد الجويّة فيما يخص وقت زراعة المحاصيل وحصادها. إضافة لذلك، يفيد أيضا في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المحصول عند حدوث تقلبات بالطقس، مثل التنبؤ بالصقيع الذي يؤثر بشكل كبير على المزروعات. وكذلك عند حدوث الجفاف الذي يحتاج إلى إدارة فعّالة للمياه لحماية المحاصيل من التلف.

إلى جانب هذا، يساعد قطاع الطيران في ضمان سلامة الرحلات والهبوط وسط أنماط الطقس الخطرة المحتملة. بالإضافة إلى كون علم الأرصاد الجوية يقوم أيضًا بدورًا رئيسيًا في مكافحتنا لتغير المناخ، حيث يتيح لنا فهم وتوقع التحولات البيئية وتأثيراتها المحتملة على الحياة على الأرض.

وليس بعيدًا عن ذلك يقوم الخبراء بتحذير المواطنين بعدم مغادرة منازلهم، في حال كان الطقس يشهد حالة ارتفاع أو انخفاض شديدين في درجات الحرارة. مما قد يعرضهم لمخاطر صحية قد تصل إلى الوفاة في بعض الأحيان.

مقال ذو صلة: الذكاء الاصطناعي لتحسين نماذج الطقس والتخطيط العسكري

مستقبل علم الأرصاد الجوية

يتطوّر هذا العلم باستمرار، ويتزايد الاهتمام به بشكل ملحوظ. حيث شهدت السنوات الأخيرة اهتماما عالميا متزايدًا بالأرصاد الجوية خاصة مع تطور التكنولوجيا الحديثة التي تساعد على توسيع نطاق قدراته. و تتضمن بعض المجالات الواعدة للبحث والتطوير. على سبيل المثال:

الذكاء الاصطناعي: الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تحويل علم الأرصاد الجوية من خلال تطوير نماذج أكثر دقة للتنبؤ بالطقس وإنشاء أنظمة إنذار مبكر أكثر فعالية للكوارث الطبيعية.

علوم البيانات:  يمكن استخدام علم البيانات لفهم أفضل للأنماط المناخية وتأثيرها على مختلف القطاعات، مثل الزراعة والطاقة والمياه.

الاستشعار عن بعد: يمكن استخدام الاستشعار عن بعد لتجميع البيانات الجوية من مناطق يصعب الوصول إليها، مثل المحيطات والمناطق القطبية، مما يوفر رؤية شاملة للطقس والمناخ العالميين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى