صحة

طفرات جينية غير وراثية تسهم في نشوء اضطراب طيف التوحد

قام باحثون في مركز RIKEN لعلوم الدماغ (CBS) بدراسة جينات اضطراب طيف التوحد (ASD) من خلال تحليل الطفرات الجينية في عدد من الأفراد وعائلاتهم. واكتشفوا أن نمطًا خاصًا من الطفرات الجينية يلعب دورًا مساهما في حدث اضطراب طيف التوحد لكن بشكل مختلف عن الطفرات العادية.

في جوهر الأمر، وبسبب البنية ثلاثية الأبعاد للجينوم، تستطيع الطفرات أن تؤثر على الجينات المجاورة المرتبطة باضطراب طيف التوحد، وبالتالي تفسر سبب حدوث هذا الاضطراب حتى بدون طفرات مباشرة في الجينات المتعلقة به.

مقال ذو صلة: ما هو العلاج الجيني؟

اضطراب طيف التوحد (ASD)

اضطراب طيف التوحد عبارة عن مجموعة من الحالات تتميز جزئيًا بسلوكيات تكراريّة وصعوبات في التفاعل الاجتماعي. وبالرغم من وجود تاريخ عائلي له، إلا أن وراثة اضطراب طيف التوحد معقدة ولم يتم فهمها بالكامل حتى الآن.

تشير الدراسة إلى أن اضطراب طيف التوحد وراثي بشكل كبير، لكن ليس بسبب الجينات التي تنتج البروتينات فقط. بل قد يكمن السرّ في المناطق غير المشفرة من الجينوم، وتحديداً في المحفّزات التي تتحكم في إنتاج البروتينات.

أجرى أتسوشي تاكاتا “Atsushi Takata” بمساعدة فريقه في مركز بحوث علوم الحياة (RIKEN CBS) دراسةً لأشكال الجينات “de novo” – وهي طفرات جديدة لا يتم توريثها من الوالدين – في هذه الأجزاء من الجينوم.

صورة فنية تمثّل شكل ال istock \ DNA

حلل الباحثون مجموعة بيانات واسعة لأكثر من 5000 عائلة، ما يجعل هذه الدراسة واحدةً من أكبر الدراسات الجينومية عالميًا التي تُجرى على اضطراب طيف التوحد حتى الآن. اذ ركزوا على (TADs)، وهي هياكل ثلاثية الأبعاد في الجينوم تسمح بالتفاعلات بين الجينات المجاورة وعناصرها التنظيمية.

يقول تاكاتا: “اكتشافنا الأهم هو أن الطفرات الجديدة (de novo) في مناطق محفزات (TADs) التي تحتوي على جينات معروفة ترتبط باضطراب طيف التوحد. وهي على الأرجح تعمل من خلال التفاعلات في البنية ثلاثية الأبعاد للجينوم.”

ولتأكيد هذه النتائج، قام الباحثون بتعديل حمض نووي لخلايا جذعية باستخدام نظام CRISPR/Cas9، صانعين بذلك طفرات في محفزات معينة. وكما هو متوقع، لاحظوا أن تغييرًا جينيًا واحدًا في محفز قد أحدث تغيّرات في جين مرتبط بالتوحد داخل نفس ال(TAD).

مقال ذو صلة: أول تجربة للتعديل الجيني في أمريكا فعالة بنسبة 100٪ تقريبًا

“أثر الفراشة” الجيني

يقارن تاكاتا هذه العملية بـ “أثر الفراشة” الجيني، نظرًا لأن الطفرات أثّرت أيضًا على العديد من الجينات المرتبطة باضطراب طيف التوحد وتطوّر الجهاز العصبي في الخلايا الجذعية. بمعنى آخر يمكن لطفرة واحدة أن تعطّل تنظيم الجينات المرتبطة بالأمراض المنتشرة حتى في مناطق بعيدة من الجينوم.


كما يعتقد تاكاتا أن هذا الاكتشاف له آثار مهمة على تطوير استراتيجيات تشخيصية وعلاجية جديدة لاضطراب طيف التوحد. “على أقل تقدير، عندما نقوم الآن بتقييم مخاطر الإصابة باضطراب طيف التوحد لدى فرد ما نعلم ما علينا فعله. نعلم أن علينا النظر إلى ما هو أبعد من الجينات المرتبطة باضطراب طيف التوحد والتركيز على ال (TADs) التي تحتوي على جينات مرتبطة باضطراب طيف التوحد.

“علاوة على ذلك، قد نستطيع التدخل علاجيا، من خلال تصحيح التفاعلات الشاذة بين (المحفزات والتعززات) الناجمة عن طفرة في محفز.

المزيد من الأبحاث ضرورية

في النهاية، لاشكّ أننا سنكتسب فهمًا أفضل للبنية الجينية والبيولوجيا الحيوية لاضطراب طيف التوحد عندما نقوم بتوسيع بحوثنا. وهذا بدوره يمهّد الطريق لعلاجات سريرية تعزز صحة ورفاه الأفراد المصابين وعائلاتهم والمجتمع بأسره.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى