ثقافة

بين الواقع والخيال، ما حقيقة الجدار الجليدي؟

يعَد مفهوم “الجدار الجليدي”، أو الفكرة القائلة بأن القارة القطبية الجنوبية ليست قارة تقع أسفل الكرة الأرضية بل جدار يحيط بالأرض المسطحة، مجرد شائعات مكررة. كما يرافقها مفهوم آخر بأنه “غير مسموح لأحد” بالذهاب إلى القارة القطبية الجنوبية. عدا عن أن (جهات حكومية مشبوهة) سيمنعون أي شخص من زيارتها، لإخفاء ما يكمن خلف جدار الجليد.

قارة أنتاركتيكا (القارة الجنوبية)

أنتاركتيكا هي القارة الخامسة من حيث المساحة التي تبلغ 5.5 مليون ميل مربع أي (14.2 مليون كيلومتر مربع). وتقع وحدها جنوبا لذلك تدعى بالقارة القطبية الجنوبية. كما يغطيها الجليد بنسبة 98 بالمئة،

كما يمكن اعتبارها أعلى قارات العالم وتتميز بأنها شديدة الجفاف والرياح و البرودة. قام الجيولوجيون والجيوفيزيائيين وعلماء الجليد وعلماء الأحياء وعلماء آخرون بتخطيط جميع المناطق الجبلية في القارة حتى سبعينيات القرن الماضي. وذلك بالاعتماد على التقنيات الجيوفيزيائية الأرضية مثل المسوحات الزلزالية للصفائح الجليدية للكشف عن سلاسل الجبال والقمم المخفية لمعرفة أدق تفاصيل القارة. على أي حال تظلّ القارة القطبية الجنوبية مختلفة تمامًا فهي بعيدة للغاية، ولا تشبه أي مكان آخر على هذا الكوكب.

مقال ذو صلة: خريطة زيلانديا تكشف أسرارًا جيولوجية قديمة

Union Glacier – يونيون غلاسير (أنتاركتيكا) \ Christopher Michel

يشكّل مشهد نظريات المؤامرة حول القارة القطبية الجنوبية اليوم شبكة معقدة تضم الكثير من الأشياء بدءًا من صور الذكاء الاصطناعي وصولا الى الأطباق الطائرة وإنكار الاحتباس الحراري وحتى نظرية الأرض المسطحة.

للقارة القطبية الجنوبية أهمية عظمى فهي كما لاحظ العديد من العلماء، بمثابة أرشيف بحد ذاته. تمتد إلى عصور مضت، وتوثق التغييرات في غلاف الأرض الجوي منذ فترة ما بعد العصر الجليدي الأخير.

Union Glacier – يونيون غلاسير \ Christopher Michel

يسعى العلماء في القارة القطبية الجنوبية لفهم الماضي والتنبؤ بالمستقبل من خلال استخراج عينات من الجليد عمرها مليون سنة. وعلى الرغم من كون استخراج العينات الأقدم سيستغرق خمس سنوات. لكن سيبدأ العلماء بتحليل العينات فور حصولهم عليها، للبحث عن أدلة على تغيرات الغلاف الجوي في الماضي. والتي يمكن استخدامها للتنبؤ بالتغيرات القادمة.

مقال ذو صلة: نسبة ذوبان الجليد في غرينلاند فاقت تقديرات الباحثين

الجدار الجليدي

جرف روس الثلجي في قارة أنتارتيكا \ NSF

تؤكد عالمة الجيولوجيا الجليدية بيثان دافيز أن ما يراه مؤيدو نظرية الأرض المسطحة على أنه “جدار جليدي” حول القارة القطبية الجنوبية ليس سوى جروف جليدية عائمة متصلة باليابسة الرئيسية. كما توضح دافيز أن جروف الجليد لا يمكن أن توجد بدون قاعدة أرضية تثبتها، وأن جدارًا جليديًا دائريًا سيكون غير مستقر وسيتلاشى بسرعة بسبب نقص تدفق جليد الأنهار الجليدية.

وأكبر هذه الجروف هو جرف روس الذي يتكون من جليد عائم يتراوح عمره بين 400,000 و 1,000,000 سنة. عرضه حوالي 800 كلم ومساحته حوالي نصف مليون كلم مربع أي تقريبا مساحة فرنسا. أما ارتفاع مقدمة جرف روس الجليدي تبلغ 160 إلى 200 قدم في أجزاء ويبلغ طوله 500 ميل وفقًا لموسوعة بريتانيكا. لكن غالبية الجليد العائم يقع تحت سطح الماء، وفقًا لشركة الرحلات الاستكشافية في القطب الجنوبي Oceanwide Expeditions. كما يعد جرف روس الجليدي موطنًا للعديد من أنواع الحيوانات البحرية، بما في ذلك البطريق والفقمة والحيتان.

مقال ذو صلة: السفر إلى القطب الجنوبي متاح ولكن السؤال كيف

في النهاية، تظهر بيانات الأقمار الصناعية من وكالة ناسا وشركات مستقلة أنّ كتلة اليابسة في القارة القطبية الجنوبية كجزيرة لها نهاية محددة. علاوة على ذلك، قالت عالمة جيولوجيا الأنهار الجليدية بيثان دافيز أنه من المستحيل لـ “جدار الجليد” المزعوم أن يوجد بدون كتلة أرضية متصلة به.

أما بالنسبة للادعاءات حول منع السفر الى هناك فهذا حتما محض ترهات. كما أشارت دافيز “منذ أواخر ستينيات القرن الثامن عشر، استكشف الناس منطقة القارة القطبية الجنوبية. وقد قام العديد من الأفراد بالإبحار حول القارة، وهو أمرٌ لن يكون ممكناً لو كانت القارة محاطة “بجدار جليدي حول هذه الأرض المسطحة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى