فضاء

كيف تتشّكل الكواكب الغازية، وما حقيقة ماضيها المسطّح؟

قام فريق من علماء الفيزياء الفلكية بإجراء محاكاة حاسوبية تشير إلى أن كواكب الغاز العملاقة الوليدة التي تولد داخل أقراص من الغبار والغاز قد تظهر أشكالًا مسطحة بشكل ملحوظ.

تمّ تسليط الضوء على المراحل الأولى لتكوين الكواكب. في بحث قام فريق من علماء الفيزياء الفلكية. حيث أظهرت عمليات محاكاة حاسوبية أن الكواكب الغازية الوليدة (التي تتكوّن داخل أقراص من الغبار والغاز) قد تظهر هندسة مسطحة بشكل ملحوظ. قد يعيد هذا الاكتشاف ، الذي نُشر في Astronomy and Astrophysics Letters ، تشكيل فهمنا لأصول الكواكب.

إبرة في كومة قش كونية

رغم ازدياد اكتشاف الكواكب الخارجية (التي تقع خارج نظامنا الشمسي) ، إلا أن العثور على كواكب أولية لا تزال قيد التكوين مدفونة في أقراص ولادتها يظل مهمة صعبة للغاية. فحتى الآن، لم يتم اكتشاف سوى ثلاثة من هذه الكواكب “الوليدة” الكونية.

علمًا أنّ مشاهدة مثل هذه الكواكب تتطلّب تلسكوبات قوية للغاية وحظًا كونيًا استثنائيًا. فتشكل الكواكب يستغرق بضعة ملايين من السنين فقط، وهي عبارة عن تكة واحدة في عمر الكون.

وللتغلب على هذا التحدي، لجأ فريق بحثي إلى أجهزة كمبيوتر فائقة السرعة. حيث قاموا بتصميم محاكاة تمكّنهم من العودة بالزمن وتحديد سلوك الكواكب الغازية في مراحلها الأولى. تحت ظروف مختلفة داخل أقراص ما قبل النجوم الخاصة بها.

مقال ذو صلة: كيف تتشكل الكواكب؟ اليوم “المشتري الصغير” يقدم أدلة جديدة

ماذا وجدوا؟

الكواكب الغازية العملاقة

تميل الكواكب الغازية الصغيرة داخل هذه الأقراص الدوامة إلى أن تكون على شكل قطع بيضاوية مسطحة – تخيل حلوى M&Ms أو Smarties في الفضاء. وعلى عكس كونها كروية تمامًا، يبدو أن القوى الشديدة داخل أقراص ما قبل النجوم تضغط هذه الكواكب الغازية العملاقة من الأعلى والأسفل.

بينما تمتلك بعض الكواكب القديمة في نظامنا الشمسي، مثل زحل والمشتري، بعض التسطح، فإن الكواكب الأولية تأخذ هذه الظاهرة إلى أقصى حد. حيث يبلغ متوسط تسطحها حوالي 90٪. ومع مرور الوقت بالطبع، تصبح أقل تسطحًا. هذه الخاصية المكتشفة حديثًا ضرورية عند تحليل البيانات من تلسكوباتنا الأكثر قوة على الإطلاق ، حيث نبحث عن عوالم أخرى قيد التكوين.

مقال ذو صلة: رصد الماء على سطح كويكبين

نظريات متباينة لتكوين الكواكب الغازية المسطحة

يُعد نموذج “تراكم اللب” النموذج السائد لتكوين الكواكب، حيث يقترح آلية تراكمية تدريجية تبدأ من الأسفل إلى الأعلى. وفقًا لهذه النظرية، تتصادم حبيبات الغبار المجهرية وتتجمع، مما يؤدي إلى تراكم الكتلة ببطء. ثمّ بمجرد تكوين نواة صلبة ذات حجم كبير، تصبح جاذبيتها قوية بما يكفي لجذب كميات هائلة من الغاز. مما يؤدي إلى تشكل كوكب غازي عملاق.

بداية تشكّل كوكب غازي

أما نظرية “عدم استقرار القرص” من جهة أخرى فتطرح فرضية مفادها أن أقراص الغبار والغاز غير المستقرة جاذبيًا قد تتفتت مباشرة إلى أجسام بحجم كواكب. وذلك من خلال آلية سريعة تعمل من أعلى إلى أسفل. حقيقة قد تفسّر هذه النظرية بشكل أفضل وجود كواكب غازية عملاقة تقع على مسافات بعيدة للغاية.

تدعم نتائج هذه الدراسة نموذج عدم استقرار القرص من خلال الإشارة إلى أن بعض الكواكب قد تُظهِر تسطّحًا ملحوظًا إذا تشكلت مباشرة من خلال تفتت القرص.

ماذا عن الأرض؟

لا تشهد الأرض مثل هذه الظاهرة المتطرفة. إذ أنّ نموذج عدم استقرار القرص لا يمكنه تفسير تكوين كواكب صخرية مثل الأرض والمريخ. فالاعتقاد السائد أن هذه الكواكب تتشكل تدريجيًا عبر ملايين السنين من خلال تراكم جزيئات الغبار والحصى والصخور والأجسام بحجم الكيلومتر، لتصبح في النهاية كواكب صخرية صلبة. لكن بسبب كثافتها العالية، لا تتسطح هذه الكواكب الصخرية بشكل ملحوظ حتى عند تكونها حديثًا. لذلك، لا يوجد احتمال لتعرّض الأرض لمثل هذا المستوى العالي من التسطّح عندما كانت صغيرة. أي أن عالمنا لم يكن فطيرة كونية يومًا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى