صحة

قد يكون كروموسوم X المسؤول عن أمراض المناعة الذاتية لدى النساء

تعاني النساء أكثر من الرجال بكثير من انقلاب جهاز المناعة على أجسامهن، ما يؤدي إلى مجموعة من الأمراض المناعية الذاتية. كالتصلب اللويحي ومرض الذئبة على سبيل المثال. قدمت دراسة حديثة تفسيرًا يرتبط بدور كروموسوم X في هذا الأمر.

تشير دراسة نُشرت في مجلة Cell إلى أن مجموعة من الجزيئات التي تؤثر على كروموسوم X الإضافي لدى النساء قد تتسبب في إرباك جهاز المناعة لديهن في بعض الأحيان.

لكن أشار بعض الخبراء إلى أن من غير المرجح أن تكون هذه الجزيئات هي السبب الوحيد لانتشار أمراض المناعة الذاتية بين النساء. إلا أن ثبوت هذه النتائج في بحوث مستقبلية، قد يفتح المجال لتطوير علاجات جديدة تستهدف هذه الجزيئات بشكل محدد. بدلاً من الأدوية الحالية التي تعمل على كبح جهاز المناعة برمته.

كما هو معلوم، يمتلك الجنين سواء كان ذكراً أو أنثى، 22 زوجًا من الكروموسومات المتطابقة. أما الزوج الثالث والعشرون فهو مختلف، حيث تحمل الإناث اثنين من كروموسوم X، بينما يحمل الذكور كروموسوم X وكروموسوم Y. هذا الاختلاف في الكروموسومات الجنسية هو ما يؤدي إلى تكوين الأعضاء التناسلية الذكرية لدى الذكور.

كما يحتوي كل كروموسوم على جينات، تنتج بروتينات تؤدي وظائف محددة داخل الخلايا عند تفعيلها. قد تعتقدين أن كون النساء يملكن نسختين من كروموسوم X، سينتجن ضعف كمية بروتينات X مقارنة بالرجال. لكن هذا غير صحيح! فكلاهما ينتج نفس الكمية تقريباً. وذلك لأن إحدى نسختي كروموسوم X يتم في خلايا الإناث.

مقال ذو صلة: علاج جديد لمرض السرطان باستخدام تقنية CRISPR

كروموسوم X – كروموسوم Y

جزيء Xsit

يُعرف جزيء Xist بقدرته على الارتباط بكروموسوم X الثاني بطريقة مشابهة ل”ارتباط الفيلكرو“. يشمل هذا الارتباط، مئات من جزيئات Xist، ما يؤدي إلى إغلاق الكروموسوم X الثاني بشكل كامل.

وبالتالي تلعب عملية تعطيل أحد كروموسومي X دورًا رئيسيًا في الحفاظ على صحة المرأة. حيث أن هروب جين على كروموسوم X الثاني من سيطرة جزيء Xist يؤدي إلى إنتاج مفرط للبروتينات، والتي قد يكون بعضها سامًا للخلايا.

استنادًا إلى سنوات من الأبحاث التي اختبرت فرضية ارتباط جزيئات Xist مع أمراض المناعة الذاتية، نجح الدكتور تشانج وفريقه في إنجاز دراسة جديدة. تم خلالها استخدام سلالة من فئران الإناث ذات استعداد عالي للإصابة بالذئبة المناعية. بينما لم يُلاحظ إصابة الذكور بحالات شديدة من هذا المرض.

استخدم الباحثون الهندسة الوراثية لإدخال جزيء Xist إلى ذكور الفئران، ما جعل إنتاجه مماثلاً للإناث. وأوضح الدكتور تشانج: “بعد ظهور جزيء Xist لدى ذكور الفئران، ارتفع لديهم مستوى الإصابة بأمراض المناعة الذاتية بشكل ملحوظ.”

توسع البحث بعد ذلك ليشمل دراسة عينات دم بشرية. حيث كشف الباحثون عن وجود مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة ضد البروتينات المرتبطة بجزيء Xist في دماء الأفراد المصابين بالذئبة. واثنين آخرين من أمراض المناعة الذاتية.

اضافة لذلك، يعتقد الدكتور تشانج بأن أمراض المناعة الذاتية قد ترتبط بعملية موت الخلايا الطبيعية عند المرأة. فعند موت الخلايا وانحلالها، تطلق جزيئاتها في مجرى الدم. بينما تحتوي هذه الجزيئات لدى النساء على كمية كبيرة من جزيئات Xist والبروتينات المرتبطة بها.

مقال ذو صلة: طفرات جينية غير وراثية تسهم في نشوء اضطراب طيف التوحد

كيف يتعامل الجهاز المناعي مع بروتينات Xist؟

Xist بروتين

يبدأ الجهاز المناعي في التعامل مع بروتينات Xist كـعدو، ونتيجة لذلك قد يقوم بمهاجمة أجزاء أخرى من الجسم أيضا. وذلك لأن كل خلية تلصق أجزاءً من بروتيناتها على سطحها، حيث يمكن لخلايا المناعة فحصها. وحسب تصريح الدكتور تشانج، “إذا صادفت خلية مناعية جزءًا من بروتين Xist، فإنها ستقوم بقتل الخلية التي تحمله.”

كما تشير الأبحاث الإضافية إلى أن كروموسوم X يرتبط بأمراض المناعة الذاتية من خلال آليات أخرى أيضًا. على سبيل المثال، يحمل هذا الكروموسوم مجموعة من الجينات المسؤولة عن إنتاج بروتينات تعمل كإشارات بين خلايا المناعة. وبقاء أحد هذه الجينات ناشطًا بدلًا من إخماده قد يؤدي إلى إرسال إشارات إضافية، الأمر الذي يربك جهاز المناعة.

في النهاية وبعد الكشف عن مسارات متعددة لكروموسوم X تؤثر على المناعة الذاتية، يسعى العلماء الآن إلى فهم الآلية الموحدة التي تربط هذه العوامل وتفسّر التحيّز الجيني تجاه الإناث في أمراض المناعة الذاتية. كما صرحت الدكتورة أنجورا، “هذا هو علم الأحياء – عملية معقدة وجميلة في آن واحد، ولكنها محبطة أحيانا بسبب التحديات التي تطرحها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى