إبداع

أكبر التحديات التي تقف في طريق Hyperloop

لطالما أثارت فكرة السفر بسرعة الصوت فضول وعقل البشر لكن هناك العديد من المعوقات والمشاكل الحقيقية التي تعيق تنفيذها.

نظريًّا، يعتبر Hyperloop إنجازًا هندسيًا يعد بتحقيق السفر بسرعة تنافس سرعة الصوت تحت الأرض. وهو عبارة عن نظام نقل عالي السرعة يُمكن استخدامه لنقل الناس حول العالم بسرعة تقارب سرعة الصوت، بل وتتفوق عليها في النهاية. حيث يعتمد الهايبرلوب على قذف كبسولات ركاب أو شحن في أنبوب مفرّغ تماما من الهواء. بهذه الطريقة يسمح لها بالسفر بسرعة عالية دون التعرّض لأية مقاومة خارجية.

لكن يواجه الهايبرلوب حاليًا عددًا من التحديات التقنية والاقتصادية الهائلة، مما يترك بعض الخبراء يتساءلون عن امكانية تحقيق ذلك.

بينما كشفت التجارب الأولية محدودة النطاق أن الهايبرلوب واقعي تمامًا بل ويعمل بشكل رائع. إلا أن بناء أنبوب مثالي بطول مئات الكيلومترات مع قدرة على التعامل مع فراغ شبه كامل داخله، سيكون بلا شك أحد أعظم التحديات الهندسية في القرن الحادي والعشرين.

مقال ذو صلة: إيلون ماسك سيدعم الطاقة النووية ولكن كيف؟

كيف يعمل الهايبرلوب “قطار الفراغ”؟

هايبرلوب: نظام نقل نظري يخضع حاليًا لاختبار النماذج الأولية من قِبل شركات مختلفة، وربما أشهرها شركة إيلون ماسك.
تكمن فكرته في تقليل الضغط داخل أنبوب وإدخال نوع من المقطورات أو الكبسولات داخله. فيما يؤدي تقليل الضغط إلى عدد من الفوائد:

  • أولًا: إزالة مقاومة الهواء، مما يسمح للقطار بالسفر بسرعات أعلى بكثير دون الحاجة إلى التغلب على قوة الهواء المعيقة.
  • ثانيًا: يمكن استخدام فرق الضغط لدفع القطار بسرعات كبيرة. حيث يتم إنشاء ضغط أعلى خلف القطار وضغط أقل أمامه، مما يخلق قوة هائلة تدفعه إلى الأمام.

بيد أن إيلون ماسك يتصور نسخة أخرى من الفكرة حيث يتم استخدام محرك توربيني خاص لدفع الكبسولة على طول المسار.

وعلى الرغم من أن الكثيرين ينسبون ابتكار قطار الفراغ إلى ماسك، إلا أن الفكرة موجودة منذ ما يقارب 100 عام. ولكن ما حال دون تنفيذها مجموعة من التحديات المالية والتقنية. بالإضافة الى المخاطر المتوقعة والتعقيدات المرافقة لعمليات البناء والتنفيذ.

مقال ذو صلة: إيلون ماسك يستحوذ على تويتر بمبلغ 44 مليار دولار

أمور مهمة يجب أخذها في عين الاعتبار

بدايةً، لن يعمل نظام الهايبرلوب المقترح تقنيًا في فراغ مثالي. بدلاً من ذلك، تكشف وثائق ألفا أن الضغط داخل الأنبوب سيبقى عند حوالي 100 باسكال، وهو ما يعادل تقريبًا 1/1000 من ضغط الغلاف الجوي (1/1000 من الضغط الذي نشعر به عند مستوى سطح البحر).

وفي الواقع، إن إزالة معظم جزيئات الهواء من الأنبوب سيؤدي إلى تقليل مقاومة الهواء بشكل كبير. مما يسمح للكابسولات بالسفر بسرعات عالية حتى عند ضغط 100 باسكال.

بالمقارنة، تطير طائرات الركاب الكبيرة على ارتفاعات تحتوي على هواء يزيد بأكثر من 200 مرة عن الهواء الذي ستسافر فيه كبسولات الهايبرلوب المقترحة. وبينما تصل طائرات الركاب الى ارتفاع حوالي 10 كيلومترات، إلا أن الضغط داخل أنبوب الهايبرلوب سيكون معادلا للضغط الذي نشعر به على ارتفاع 50 كيلومترا في الغلاف الجوي – وهو ما يشبه ظروف الفضاء تقريباً.

تتعامل طائرة بوينج 747، أثناء تحليقها على ارتفاع حوالي 10 كيلومتر، مع ضغط يزيد بمقدار 200 ضعف عن الضغط داخل أنبوب هايبرلوب.

بينما يتميّز نظام النقل فائق السرعة هايبرلوب (Hyperloop) بتشغيله ضمن بيئة ذات ضغط منخفض للغاية، حوالي 100 باسكال (Pa)، أي ما يعادل تقريبًا ملي بار واحد (mbar). وهذا يساوي الضغط الجوي السائد على ارتفاع هائل يبلغ 50 كيلومترًا فوق سطح الأرض.

سيظل الضغط داخل أنبوب الهايبرلوب منخفضًا جدًا عند حوالي 0.015 رطل بوصة مربعة (حوالي 0.000977 ضغط جوي)، بينما يقترب الضغط الجوي خارج الأنبوب من 15 رطل بوصة مربعة (حوالي ضغط جوي واحد). وبالتالي، يمكن اعتبار أن نظام النقل هايبرلوب يعمل في فراغ شبه تام لجميع الأغراض.

رغم الإمكانيات والمزايا الكبيرة لقطارات الفراغ، لا تزال هناك تحديات تعيق تطبيقها واسع النطاق. وعلى الرغم من أن تطوير نظام قطار فراغ كامل الحجم ليس مستحيلاً تمامًا، لكنه غير قابل للتطبيق مع التقنيات المتوفرة الحالية.

مشاكل الهايبرلوب

بداية، إنّ بناء أنبوب يبلغ طوله مئات الكيلومترات سيكون معجزة هندسية في حد ذاته. بيدَ أن، فكرة إدخال أنبوب بطول مئات الكيلومترات يعمل في فراغ شبه تام ويحتمل قوة كبسولة تزن آلاف الكيلوغرامات بينما تسير بمئات الكيلومترات في الساعة ليست سوى خيال علمي.

كما يخلق الهواء المحيط بنا ضغطاً هائلاً، فحقيقة مواجهة أي حجرة فراغ لضغط جوي يعادل عشرات الآلاف من الكيلوغرامات، كفيل بتدميرها. إضافة إلى ذلك، هناك مشكلة التمدد الحراري والتي ستؤدي حكما الى تقوّس أي هيكل ضخم قد يفتقر إلى قدرات مناسبة للتمدد الحراري. وأخيرا، تكلفة بناء الهايبرلوب ستكون باهظة للغاية.

1. مشكلة الضغط

لا شكّ يواجه نظام هايبرلوب تحديًا كبيرًا يتمثل في وجود آلاف الكيلوغرامات من الغلاف الجوي فوق أنابيب الفراغ شبه التام المقترحة.

قبل أن يصبح الهايبرلوب نظامًا عاملاً، يجب على أنابيب النقل التي تمتد لمئات الكيلومترات عبر الولايات المتحدة أن تتحمل وزن الغلاف الجوي بأكمله فوقها. فبشكل أساسي، سيتراكم الوزن ليصل إلى حوالي 10,000 كجم لكل متر مربع.

ونظرًا لأن نظام الهايبرلوب المقترح سيبلغ طوله 600 كيلومتر وقطره حوالي مترين، فسيحافظ على مساحة سطح تبلغ حوالي أربعة ملايين متر مربع. وبناءً على افتراض تحمّل كل متر مربع لـ 10,000 كيلوجرام من القوة، سيضطر الهايبرلوب لتحمل ما يقارب 40 مليار كيلوجرام من القوة على كامل سطحه.

هذا يعني أن أي خلل صغير في هيكل الأنبوب سيؤدي إلى انهيار كارثي. أما في حال تعرض الأنبوب للثقب، فإن الهواء الخارجي سوف يتدفق بقوة داخل الأنبوب، ممزقًا إياه إربًا أثناء محاولته ملء الفراغ. ببساطة، ثقب أنبوب الهايبرلوب يشبه إلى حد كبير إزالة الفلين من زجاجة صودا. حيث سيتسبب الفرق الهائل في الضغط بين الهواء الخارجي والفراغ داخل الأنبوب في اندفاع سريع للهواء، مما قد يؤدي إلى تلف الهيكل.

مقال ذو صلة: أكبر توربينات الرياح في العالم تظهر قوة الحجم غير المتكافئة

الاصطدامات المميتة

سيشكل تصميم كبسولة قادرة على تحمل القوة الهائلة لحدث تنفيس تلقائي تحديًا هندسيًا هائلاً نظرًا لشكل هيكلها. فمن جهة يجب أن تكون الكبسولة قوية بما يكفي لتحمل الضغط الجوي داخل المقصورة، ومع ذلك يجب أن تظل خفيفة الوزن بدرجة كافية حتى لا تتسبب في إتلاف الأنبوب أو تعريضه للخطر أثناء حركتها على المسار.

من الأمور الإيجابية التي تميز الكبسولة هي قابلية انضغاط الهواء. ربما سيتضغط الهواء، مما يضعف الانفجار الأولي قليلاً – رغم أنه من غير المرجح أن يقلل القوة التدميرية التي تتعرض لها الكبسولة. بافتراض أن الكبسولة يمكنها بطريقة ما تحمل الانفجار الأول للهواء، فستظل هناك مشاكل أخرى تنتظرها. وبمجرد اصطدام الهواء بالكبسولة، ستضطر إلى التسارع بسرعة كبيرة على طول المسار حيث يندفع الهواء إلى الداخل.

حينها سيستمر الهواء في الضغط بقوة تبلغ 10,000 كيلوغرام لكل متر مربع، أو 10,000 نيوتن لكل متر مربع – وكل هذه القوة ستؤثر على واجهة الكبسولات. بافتراض عدم تحولها إلى أشلاء على الفور، ستتسارع الكبسولات على طول المسار حتى تصطدم ببعضها البعض بقوة مميتة.

وفقًا لمستندات ألفا، تبلغ كتلة كبسولة هايبرلوب فارغة حوالي 2,800 كجم. وعند امتلاء الكبسولة بالركاب، من المتوقع أن يرتفع وزنها إلى حوالي 4,000 كجم.

وكما تطرقنا سابقًا، تبلغ مساحة المقطع العرضي للأنبوب حوالي ثلاثة أمتار مربعة. وهذا يعني أنه خلال عملية التفريغ التلقائي، ستتعرض الكبسولة لقوة هائلة تصل إلى حوالي 30,000 كيلوجرام، أي ما يعادل 30,000 نيوتن.

الآن، وباستخدام بعض الفيزياء البسيطة، يمكننا تقريب التسارع الذي ستشهدُه الكبسولة أثناء التفريغ التلقائي  (Force=Mass x Acceleration → A=F/M).

في ثوانٍ معدودة، ستتسارع الكبسولة إلى أكثر من 100 كيلومتر في الساعة

في لحظة خاطفة، ستتسارع الكبسولة بسرعة كبيرة تصل إلى 7.5 مترًا في الثانية المربعة، وذلك في أفضل الظروف.

اما في حال لم تكن الكبسولة ممتلئة تمامًا، ستكون عملية التسارع أقوى وأكثر حدة. ولو افترضنا أنّ الكبسولة شبه فارغة، فستتجاوز قيمة تسارعها 10 أمتار في الثانية المربعة. وهذا أسرع مما يُشعر به الإنسان في السقوط الحر بدون مقاومة الهواء (9.8 متر في الثانية المربعة).

بمعنى آخر، في غضون ثوانٍ معدودة، ستتسارع كبسولة محملة بالكامل على المسار حتى تصل إلى سرعة تزيد عن 100 كيلومتر في الساعة. ,في حالة حدوث تفريغ تلقائي على مسار مشترك مع كبسولات أخرى، فمن المحتمل حدوث تصادمات خطيرة. ,حتى في أفضل الظروف، سيظل التفريغ محفوفًا بخطر كبير.

في تجربة أجرها أستاذ في جامعة بوردو، استخدم ظاهرة التفريغ المفاجئ في أنبوب مفرغ من الهواء لتحويل كرة تنس الطاولة إلى قذيفة مميتة.

مقال ذو صلة: طائرة ركاب بمحرك هيدروجيني وهي الأكثر كفاءة في العالم

في الفيديو، يُظهر الأستاذ مارك فرينش، أستاذ تقنية الهندسة الميكانيكية في جامعة بوردو، قاذفة تعمل بالهواء المضغوط قادرة على إطلاق كرات تنس الطاولة بسرعة تفوق سرعة طائرة مقاتلة من طراز إف-16.

تعمل هذه القاذفة المذهلة بطريقة فريدة! أولًا، يتم إفراغ حجرة من الهواء بشكل كامل، مما يخلق بيئةً شبيهة بالفراغ. بعد ذلك، وبصورة سريعة للغاية، يُعاد ضغط الهواء داخل الحجرة بقوة هائلة، حيث يتسبب هذا التغيير المفاجئ في الضغط بدفع الكرة إلى الخارج بسرعة تفوق سرعة الصوت.

رغم معامل سحب الهواء المرتفع للكرة وكتلتها الصغيرة جدًا والتي تبلغ 2.3 جرام، يقول الأستاذ فرينش: “لن يغريني أي مبلغ من المال في العالم لأقف أمام هذه القاذفة.”

التفريغ المفاجئ مشكلة خطيرة

في حال حدوث تفريغ تلقائي في نظام الهايبرلوب، ستتعرض الكبسولة لتأثير مشابه لتأثير تجربة قاذفة الفراغ. فكما تسارعت كرة تنس الطاولة بسرعة كبيرة عند إطلاقها من قاذفة الفراغ، سينطبق الأمر ذاته على كبسولات الهايبرلوب.

بلا شكّ إن مشكلة التفريغ المفاجئ خطيرة جدًا وقد تكون قاتلةً في أنظمة القطارات المغناطيسية داخل الأنابيب المفرغة من الهواء. وحتى الآن، لا يوجد أي أنظمة كبح مقترحة لمنع تسارع الكبسولات الناتج عن تفريغ تلقائي. وستتم مناقشة هذه المسألة لاحقًا.

ما هي أسباب حدوث التفريغ في الهايبرلوب

أي عيب صغير تقريبًا في الأنابيب قد يتسبب بتفريغ تلقائي كارثي. فمن المعلوم أن الأنابيب تعمل في ظروف قاسية للغاية بحيث إن عيوبًا صغيرة جدًا يمكنها أن تتسبب في تحطم الأنبوب بفعل ضغط الغلاف الجوي. تمامًا كما لو كان علبة ألمنيوم. لكن حتى لو افترضنا أن نظام الأنابيب تم بناؤه بدقة فائقة وكاملة، لا تزال هناك العديد من المخاطر الأخرى التي تهدد بتدمير الهايبرلوب.

تعمل التوربينة في الهايبرلوب بشكل مشابه جدًا لمحرك التوربينة العادي في الطائرات، لكن الفرق الكبير هو أن توربينة الهايبرلوب ستدور بسرعة أكبر بكثير.

تحلق الطائرات على ارتفاعات محددة لتحقيق أعلى كفاءة للوقود، ولكن في الوقت نفسه تحافظ على مستوى معين من الارتفاع لتوفير الأكسجين الكافي لعمل المحركات.

بينما تعتمد الطائرات النفاثة على محركات تُديرها توربينات تتجاوز سرعتها الـ 3000 دورة في الدقيقة. وفي مثل هذه السرعات، ستتحمل كل شفرة توربينة قوة طاردة تصل إلى 110 طن، وهذا يعادل وزن قاطرة كاملة الحجم.

احتواء شفرات التوربينات أثناء حدوث أي خطأ

تم تصميم محركات التوربينات لاحتواء شفراتها داخل المحرك في حال حدوث عطل كارثي. لأنه في حال يكن الأمر كذلك، فإن الشفرات ستتحول سريعًا إلى قذائف خطيرة للغاية، تسير بسرعة تتجاوز ألف كيلومتر في الساعة. بحيث يمكن لهذه القذائف المتطايرة أن تخترق بسهولة غلاف الألومنيوم الرقيق لأي طائرة.

فيما يلي مثال لما يحدث عند حدوث فشل توربيني (في الثانية 0:15)

مقال ذو صلة: توربينات الرياح المضادة للدوران تنتج ضعف طاقة أكبر توربين في العالم

يظهر في الفيديو اهتزاز المحرك بشكل عنيف بعد حدوث عطل ما. يحتفظ جناح الطائرة في الهواء ببعض المرونة التي تسمح للمحرك بالاستمرار في الاهتزاز دون المساس بهيكل الطائرة بكامله. وبفضل المحركات الاحتياطية، يمكن للطائرة أيضًا المناورة في الهواء للتعويض عن فقدان أحد المحركات في حال حدوث ذلك.

أما داخل أنبوب التفريغ، فستتسبب الاهتزازات في تهشيم الأنبوب، مما يؤدي إلى عطل كارثي مميت. كما من شأن الاهتزازات العنيفة أن تلحق ضررا هيكليًا بالأنابيب، لتسفر إما عن انفجار داخلي أو الأسوأ بكثير، انخفاض ضغط مفاجئ. وهنا لا يملك القطار سوى بضع سنتيمترات من المساحة للمناورة، مما يجعل الاصطدام بأنبوب التفريغ شبه مؤكد. ومع الأسف، ليست هذه المشكلة الوحيدة مع التوربينات.

قلة الغلاف الجوي تتطلب توربينات تدور بشكل أسرع

كما ذكرنا سابقًا، تعمل الطائرات التجارية في غلاف جوي أكثف بمئتي مرة. ما يعني عدم تمكّن المحرك التوربيني التقليدي من توليد ضغط كافٍ داخل أنبوب التفريغ لدفع الكبسولة على طول المسار.

وفقًا ل” Phil Mason” فيل ماسون، وهو كيميائي ومقدم محتوى على يوتيوب، فإن الحل الوحيد القابل للتوقع لتوليد دفع تقريبًا كافٍ هو تنفيذ مضخة جزيئية بالتربينة.

لكن للأسف، يتطلب تشغيل هذه المضخات سرعات دوران فائقة تتجاوز الـ 20 ألف دورة في الدقيقة. وتبلغ سرعة دورانها حوالي عشرة أضعاف سرعة محرك توربيني. لذلك، من غير الممكن عند هذه السرعات الهائلة، بناء هيكل محرك قادر على احتواء شفرة توربينة متطايرة، تتحمل قوة طاردة بوزن 100 طن. بل ستتجاوز القوى المتولدة 1000 طن لكل شفرة.

حتى اليوم، لا توجد مضخات جزيئية بالتربينة كبيرة بما يكفي لدفع قطار تفريغ كامل الحجم بسرعات تفوق سرعة الصوت. وذلك لسبب وجيه، إن تصميم غلاف يمكنه تحمل قوة شفرة تسير بسرعة تفوق سرعة الصوت وبقوة 10 قاطرات كاملة الحجم هو أمر غير عقلاني.

لكي يعمل الهايبرلوب، سيحتاج إلى مضخة جزيئية بالتربينة خالية من أي عيوب تمامًا

يتعلم أي مهندس منذ البداية في مسيرته الجامعية أن جميع المكونات تُصمم بدرجة معينة من الخطأ. وبالرغم من أن هذا قد يبدو صادمًا للبعض، إلا أن حتى صواريخ ناسا الأكثر تقنية تُصمم مع هامشٍ معين من الخطأ. فتلك هي طبيعة فشل المكونات، ولا بأس بذلك طالما يتم تدارك الأمر بسرعة.

من جهة أخرى يُعد الاهتزاز أحد أكبر التحديات التي يواجهها المهندسون. اذ يمكن للاهتزاز أن يُفكك البراغي ويسبب شقوقًا أو يؤدي إلى عطل كارثي. وفي حالة عمل مضخة جزيئية عالية السرعة بسرعة تصل إلى عشرات الآلاف من الدورات في الدقيقة، حتى أصغر الأعطال قد تؤدي إلى كارثة.

بمجرد بدء الاهتزاز، سيفقد المحرك تماسكه بسرعة، وتتحول شفرات التوربين، ذات القوة الهائلة، إلى مقذوفات صغيرة تشق الهواء بسرعة فائقة. وبهذا تشكّل خطرًا جسيمًا على أي شيء في طريقها.

في حال انفصال طرف شفرة عن التوربينة، فقد تخترق أنبوب الهايبرلوب بسهولة. وسيؤدي ذلك إلى تسرّب الهواء بسرعة إلى الداخل، ما يتسبب بانهيار النظام وخسارة أرواح جميع من بداخله.

كما يجب على أنبوب الهايبرلوب تحمل القوة والاهتزازات المستمرين بينما تندفع كل كبسولة (بوزن 3000 kg) عبر الأنابيب بسرعات تصل إلى مئات الكيلومترات في الساعة. وبالتالي ستؤدي حركة الكبسولات إلى هيكل الأنابيب. ولكن ربما مع الصيانة الدورية والأنابيب التي تعمل بشكل صحيح، لن تكون هذه مشكلة. ومع ذلك، إذا لم يكتشف المهندسون الأنبوب غير الجيد (وستكون هناك آلاف الأنابيب)، فقد يتعطل ويؤدي إلى انخفاض ضغط الهواء المفاجئ مرة أخرى.

الكثير من الهواء يخلق مشاكل كبيرة

الى جانب مشاكل الضغط، قد يفشل الهايبرلوب أيضًا إذا تسللت كتلة هواء بطريقة ما إلى نظامه.

فبينما تنطلق الكبسولة عبر الأنابيب بمئات الكيلومترات في الساعة وتدور التوربينات بسرعة تفوقها بعشرات المرات، ستتحول كتلة الهواء إلى جدار صلب تقريبًا. وفي حال اصطدمت الكبسولة بكتلة هواء، سيؤدي اختلاف الضغط إلى حدوث تصادم عنيف للغاية. بحيث تتضرر شفرات التوربين فوراً، وتفقد توازنها، لكنها ستستمر في الدوران بسرعات فلكية.

وبطبيعة الحال، أحد الحلول هو إضافة فتحات للتهوية يمكنها إعادة الضغط إلى الأنبوب قبل أن يتفاقم الأمر ويصل إلى عطل كامل في النظام. ومع ذلك، سيحتاج هذا الأمر إلى إضافة آلاف الأجزاء الإضافية، مما يزيد مخاطر الفشل من جانب مختلف.

ولا شكّ أن المهندسين سيبذلون قصارى جهدهم للتعامل مع الضغط والمخاطر الأخرى. فمن أجل بناء أنبوب كهذا، ستكون هناك حاجة إلى فولاذ سميك. لكن بدوره الفولاذ سيحمل مجموعة من المشكلات الخاصة به.

التمدد الحراري

إن امتلاك الفولاذ للكثير من الإيجابيات لا يعني تجاهل التأثيرات السلبية في هذه الحالة. فرغم ما يميزه من صلابه ومتانة كافية للحفاظ على فراغ قريب من الكمال في ظل ظروف مثالية. إلا أن إحدى خواص الفولاذ نفسه تثير مشكلة جديدة.

من المعلوم أنّ معظم مناطق العالم تتعرض لتغيرات كبيرة في درجات الحرارة على مدار العام. وهذا التفاوت الحراري سيؤدي إلى تغيرٍ ملموس في الحجم الفيزيائي لأنبوب الهايبرلوب.

صحيح أن تمدد الأجسام الصلبة تحت الحرارة ضئيل للغاية. إلا أنه مع ذلك يُعدّ عاملاً مهمًا يجب مراعاته عند بناء الجسور التي تتمدد وتنكمش بانتظام. ولمعالجة ذلك، يُدخل المهندسون وصلات التمدد الحراري التي تسمح للجسر بالتمدد والانكماش دون المساس بالسلامة الهيكلية.

مفصل تمدد حراري على جسر يسمح للجسر بالتمدد والانكماش.

برغم ضآلة التمدد بالنسبة للهياكل التي يقل طولها عن كيلومتر واحد، إلا أن آثاره على الهياكل الممتدة لمئات الكيلومترات (مثل الهايبرلوب) لا يستهان بها. حيث يُحافظ الهيكل الصلب على معدل تمدد حراري حوالي 13 جزءًا في المليون لكل درجة مئوية.

يمكن تقدير مدى درجات الحرارة المتوقعة في الولايات المتحدة بين 0 درجة مئوية إلى حوالي 40 درجة. ومع هذا التفاوت الحراري البالغ 40 درجة، سيؤدي التمدد الحراري إلى اختلاف يبلغ حوالي 300 متر.

لذلك، يحتاج الهايبرلوب إلى وصلات تمدد حراري ليعمل بشكل صحيح. قد يكون تركيب هذه الوصلات على الجسور أمر سهل نسبيًا، لكنها لا تحتاج إلى تحمل الضغط الهائل الناتج عن الاحتفاظ بمليارات الكيلوجرامات من القوة.

يتوقع فيل ماسون أن يحتاج الهايبرلوب إلى وصلات تمدد كل 100 متر، مما يعني وضع حوالي 6000 وصلة على طول المسافة بالكامل. تضيف هذه الوصلات بدورها نقاط ضعف محتملة، اذ يجب أن تتحمل ضغطًا داخليًا شديدًا كما يجب أن تمنع تسرب الهواء.

مقال ذو صلة: ما هي أهم شركات الطاقة المتجددة في العالم؟

لا يتوزع التمدد الحراري بالتساوي

انحناءة التمدد الحراري source:  Wikimedia Commons

في ظل حرارة الولايات المتحدة الحارقة على سبيل المثال، سيواجه الهايبرلوب درجات حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية بشكلٍ دوري طوال العام. وبالتالي سيؤدي التمدد الحراري الناتج عن ذلك الى مشاكل عديدة لا حصر لها.

في ظل أشعة الشمس الحارقة، ستتعرض أعلى نقطة في الأنبوب لمزيد من الإشعاع وبالتالي ارتفاع أكبر في درجة الحرارة. وفي الواقع، إن اختلافًا بسيطًا في درجة الحرارة بمقدار ثلاث درجات مئوية فقط على طول الأنبوب سيؤدي إلى تمدد الجزء العلوي بمقدار 25 مترًا تقريبًا أكثر من الجزء السفلي.

اضافة الى ذلك، سيعاني الهايبرلوب من الانحناء تحت ضغط حرارة الصيف الحارقة، بل وربما الانهيار التام.

فعلى سبيل المقاربة، تواجه أنابيب النفط مشاكل تمدد حراري مماثلة لتلك المتوقعة في الهايبرلوب، ولكن نادرًا ما تنفجر. وذلك بفضل الهندسة الذكية التي تسمح للأنابيب بالانكماش والتمدد بحرية. تتمثّل تلك الهندسة بوضع انحناءات تمدد حراري على طول أنابيب النفط، وتأتي هذه الانحناءات بأشكال مختلفة.

تمنع الانحناءة الأنبوب من التشقق أثناء تمدده وانكماشه. ولكن لسوء الحظ، فإن تنفيذ مثل هذا الانحناء الكبير في نظام القطار الفراغي سيؤدي إلى ضغط شديد على الأنبوب.

كما ستتعرض القطارات التي تنطلق بسرعة فائقة داخل الأنبوب إلى قوى G هائلة، مما يؤدي إلى إجهاد كبير على الأنابيب والركاب على متنها. بجانب ذلك، ستكون حلقات التمدد أكثر عرضة للتضرر الهيكلي، مما يجعلها نقطة ضعف على طول المسار.

مقال ذو صلة: توربين رياح هو الأكبر وقابل لإعادة التدوير

لا حلول في الوقت الحالي

مصادم الهادرن الكبير “سيرن” source: CERN

أنبوب التفريغ الوحيد الذي يمكن مقارنته بأي شكل من الأشكال بالهايبرلوب المقترح هو مسرع جسيمات “CERN” مصادم الهادرون الكبير.

يضم مصادم الهادرون الكبير حوالي 50 كيلومترًا من الأنابيب الفراغية. ومع ذلك، فهو لا يواجه مشاكل تمدد حراري لأنه يقع عميقًا داخل الأرض حيث تظل درجات الحرارة ثابتة نسبيًا.

حاول مهندسو الهايبرلوب معالجة مسألة تمدد الأنبوب الحراري إلى حد ما، لكن اقتراحاتهم مبهمة إلى حد ما. ويوضحون:

“لحل مشكلة التمدد التراكمي للأنبوب، ستكون هناك حاجة لأنابيب متداخلة في المحطات النهائية، تشبه الأنابيب الصندوقية المستخدمة للوصول إلى الطائرات في المطارات.”

يبدو أنه لا توجد خطة لاستخدام وصلات تمدد حراري متحركة على طول المسار. وبدلاً من ذلك، سيتم لحام الأنابيب معًا واستخدام أنبوب متداخل للتكيف مع الحركة على طرفي الهايبرلوب. حيث سيتعين على كل محطة في كلا الطرفين بناء بنية تحتية قادرة على التعامل مع حركة بطول 150 مترًا في الاتجاهين.

بمعنى آخر، لن تكون هناك نقاط دخول على طول الأنبوب. وفي حال انخفض الضغط داخل المسار فجأة لأي سبب، ستحاصَر الكبسولات في مكان ما على طول المسار الذي يبلغ طوله 600 كيلومتر. وبدون الفراغ، لن تتمكن القاطرة من السفر بسرعة، أو ربما لن تتمكن من السفر على الإطلاق.

من الممكن مرة أخرى إدخال فتحات التهوية لتوفير إعادة الضغط الطارئي وطرق الهروب. لكن ذلك سيؤدي دائمًا إلى زيادة نقاط الفشل المحتملة، مما يزيد التكاليف والمخاطر.

مقال ذو صلة: التحديات الكبرى في الهندسة

إخفاءه تحت الأرض

نفق غوتهارد – سويسرا المصدر: ويكيبيديا

من الناحية الفنية، يمكن انشاء هايبرلوب تحت الأرض، مما يخفف الضغوط التي تحدث بسبب التمدد الحراري. لكن لسوء الحظ، سيؤدي ذلك أيضًا إلى تقييد إمكانية تركيب فتحات التهوية الطارئة وزيادة التكاليف بشكل كبير.

يعد نفق قاعدة غوتهارد في سويسرا أطول نفق تم حفره على الإطلاق للنقل، حيث يمتد لمسافة 60 كيلومترًا عبر جبل. وقد بلغت تكلفة حفر النفق 12.3 مليار دولار أميريكي، وهو رقم فلكي. سيؤدي استخدام نفس النظام لبناء هايبرلوب إلى رفع التكلفة إلى 130 مليار دولار أمريكي. وهو أعلى بكثير من التكلفة الإجمالية المقترحة البالغة 1.5 مليار دولار أمريكي فقط.

فهل سنرى هايبرلوب مستقبلا؟

لا يمكننا الجزم ، فالدراسات والتجارب لا زالت قائمة في العديد من دول العالم، لا سيما الإمارات العربية المتحدة مؤخرا. لذلك يظلّ الجواب غي مؤكد.

لكن من منظور هندسي، فإنه غير محتمل إلى حد ما. لكون الهايبرلوب باهظ التكلفة، وأكثر من ذلك، المخاطر الكبيرة المحيطة، يُعد النظام بأكمله عرضة لنقطة فشل واحدة يمكن أن تكون كارثية. فخرق بسيط سيؤدي إلى هلاك جميع الركاب داخله بشكل شبه فوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى