علوم

إلى أين تتجه عملية استنساخ القرود؟

بلغ ريترو أكثر من 3 سنوات الآن وهو “بصحة جيدة وينمو بشكل طبيعي”. وفقًا لفالونغ لو، أحد مؤلفي دراسة نشرت في مجلة Nature Communications يوم الثلاثاء والتي تصف كيف أتى ريترو إلى الوجود.

إن عملية استنساخ القرود والحيوانات بشكل عام ليس بالأمر السهل، اذ ينطوي ذلك على العديد من المخاطر. كما أن فرص نجاحه أقل بكثير من إمكانيات نجاحه. لكن مع ذلك لا يمكن تجاهل أهمية هذا الأمر عل الأبحاث العلمية.

يعد ريترو ثاني نوع فقط من القردة الذي يتمكن العلماء من استنساخه بنجاح. بينما النوع الأول كان من فصيلة cynomolgus. عندما أعلن فريق الباحثين في عام 2018 عن استنساخ قردين متطابقين من cynomolgus (نوع من المكاك)، لا يزالان على قيد الحياة حتى اليوم.

القردان Zhong Zhong and Hua Hua المصدر: ويكيبيديا

القردان Zhong Zhong and Hua Hua, تخطيا الآن عمر الست سنوات، ويتمتعان بصحة جيدة مع أفراد آخرين من نفس النوع. وأضاف لو أنه حتى الآن، لم يحدد الباحثون أي قيود محتملة على عمر القردين المستنسخين.”

النعجة دولي “Dolly”

في بادئ الأمر، تم إنتاج أول حيوان ثديي مستنسخ في عام 1996 وهي النعجة دوللي. خصل ذلك باستخدام تقنية تسمى نقل النواة للخلايا الجسدية (SCNT). في هذه التقنية، يقوم العلماء بدمج نواة خلية جسدية من حيوان بالغ مع بويضة مخصبة تم إزالة نواتها. وقد أثبتت هذه التقنية إمكانية استنساخ الحيوانات من الخلايا الجسدية، مما له إمكانات كبيرة في الطب والزراعة.

مقال ذو صلة: كاميرات جديدة من السلطعون طورها علماء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا

النعجة المستنسخة دوللي source: istock

رغم التقدم الذي أحرزه العلماء في مجال استنساخ الثدييات منذ ولادة الخروف Dolly، إلا أن العملية لا تزال محفوفة بالمخاطر. فمعدل النجاح منخفض للغاية، ويمكن أن تؤدي إلى تشوهات صحية في الحيوانات المستنسخة


وقال  “Miguel Esteban” ميغيل إستيبان، كبير الباحثين في معهد غوانزو للبيولوجيا والصحة في الأكاديمية الصينية للعلوم: “من ناحية، حققنا تقدمًا كبيرًا في ذلك، حيث تم استنساخ العديد من أنواع الثدييات بعد دوللي. لكن الحقيقة أن عدم الفعالية لا تزال عقبة رئيسية في طريقنا.”

استنساخ قرد ريسوس

صورة للقرد المستنسخ ريترو source:  Nature Communications

قال “Lu” لو، الباحث في المختبر الوطني لعلم الأحياء التنموي الجزيئي ومعهد علم الوراثة وعلم التنمية، التابعين لأكاديمية العلوم الصينية. “نجحنا في استنساخ أول قرد “rhesus” بصحة جيدة. وهذا إنجاز علمي مهم يثبت أن الاستنساخ ممكن، على الرغم من أن نسبة النجاح لا تزال منخفضة.” لكن الى الآن “لم يتم تسجيل ولادة حية ثانية حتى الآن.”

حقق فريق صيني بقيادة معهد غوانجو للبيولوجيا والصحة في الأكاديمية الصينية للعلوم إنجازا علميا بارزا باستنساخ قرد ريسوس (Macaca mulatta). وهي سلالة من قرود المكاك تستخدم على نطاق واسع في الأبحاث الطبية. ويعد هذا الإنجاز خطوة مهمة في مجال استنساخ الرئيسيات غير البشرية. حيث يفتح الباب أمام احتمالات واسعة في دراسة الأمراض وتطوير علاجات جديدة.

مقال ذو صلة: زرع كلية خنزير داخل جسم متبرع وعملت لأكثر من شهر

أدرك العلماء من خلال مئات محاولات الاستنساخ الفاشلة، أن الغشاء الخارجي الذي يشكل المشيمة لم يتطور بشكل صحيح في الأجنة المستنسخة في المراحل المبكرة. وبالتالي، لمعالجة هذه المشكلة، ابتكر العلماء تقنية تُعرف باسم زرع الكتلة الخلوية الداخلية. تتضمن هذه التقنية نقل الخلايا الداخلية المستنسخة إلى جنين غير مستنسخ، الأمر الذي سمح للنسخة بالنمو بشكل طبيعي، وفقًا لإستيبان.

بعد ذلك، اختبر الفريق هذه التقنية الجديدة باستخدام 113 جنينًا معادًا تكوينه، بحيث تم نقل 11 منها إلى سبع أمهات بديلة. لكن لم ينتج عن هذه العملية سوى ولادة حية واحدة، وفقًا للدراسة.

قال Lu “نعتقد أنه قد يكون هناك تشوهات إضافية يجب إصلاحها. وستظل استراتيجيات تعزيز معدل نجاح الاستنساخ بالنقل النووي للخلايا الجسدية (SCNT) في الرئيسيات هي محور اهتمامنا الرئيسي في المستقبل.”

أول قردين مستنسخين، تشونغ تشونغ وهوا هوا، تخطيا الآن عمر الست سنوات، وتعيشان حياة “سعيدة وصحية” مع أفراد آخرين من نفس النوع. وأضاف لو أنه حتى الآن، لم يحدد الباحثون أي قيود محتملة على عمر القردين المستنسخين.”

أهمية عملية استنساخ القرود

لاشكّ أنّ القدرة على استنساخ القرود قد تسهم في تسريع الأبحاث الطبية الحيوية، وذلك نظرًا إلى القيود التي تواجه العلماء في الاستفادة من فئران التجارب. كما أكد تقرير صادر عن لجنة تابعة للأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب في شهر أيار، أن الأبحاث على الرئيسيات غير البشرية، والتي تشترك مع البشر في صفات تشريحية ووظيفية أكثر تشابهًا، لعبت دورًا محوريًا في تطوير علاجات طبية منقذة للحياة، بما في ذلك لقاحات كوفيد-19.

لكن من جانب آخر، قد ينطوي استخدام القردة في الأبحاث العلمية على تحديات أخلاقية، وذلك بسبب التشابه الكبير بين القردة والبشر. وقد أكد الفريق أنه بذل قصارى جهده لتقليل المعاناة التي قد تتعرض لها القرود أثناء الأبحاث. بالإضافة لذلك، أعربت الجمعية الملكية البريطانية للوقاية من القسوة على الحيوانات عن مخاوفها الأخلاقية والخاصة برفاهية الحيوان فيما يتعلق “بتطبيق تقنية الاستنساخ على الحيوانات”.

هذا البحث دليلٌ مبدئيٌّ على إمكانية استنساخ أنواعٍ مختلفة من القردة، عدا عن أنه يفتح الباب أمام طرقٍ جديدةٍ لتعزيز الكفاءة.

وأضاف الباحث أنّ القردة المستنسخة تتميز بإمكانية إجراء تعديلات جينية معقدة على صفاتها الوراثية التي لا يمكن تطبيقها على القردة البرية. وهو ما يحمل تأثيرات واسعة على مجال تصميم نماذج الأمراض. وأضاف الباحث أن هناك أيضًا اعتبارات تتعلق بحفظ الأنواع.

وفي نفس السياق، أوضح الدكتور لويس مونتوليو، الباحث العلمي في المركز الوطني للتكنولوجيا الحيوية (CNB-CSIC) في إسبانيا والذي لم يشارك في البحث، أن استنساخ هذين النوعين من القردة يُظهر شيئين مهمين.

أولاً، أثبت البحث إمكانية استنساخ الرئيسيات. والأمر الثاني، الذي لا يقل أهمية، هو شدة صعوبة نجاح هذه التجارب، إذ تتميز بنسب نجاح منخفضة للغاية.

وأضاف الباحث أن “نسبة النجاح المنخفضة لهذه العملية تُظهر أن استنساخ البشر ليس فقط غير ضروري ومثير للجدل، بل سيكون أيضًا شديد الصعوبة وغير مبرر أخلاقياً في حال محاولة القيام به.

أما “استنساخ الإنسان لغرض الإنجاب فهو أمر غير مقبول تمامًا.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى